Adsense

الاثنين، 5 أكتوبر 2015

كتاب علم النفس والاجتماع الصف الثالث الثانوي المنهج الجديد

كتاب علم النفس والاجتماع 3 ثانوي المنهج الجديد


تحميل 






السبت، 3 أكتوبر 2015

مبادئ الخدمة الاجتماعية

تقوم الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية على مجموعة من المبادئ التي يلتزم بها الأخصائي في عمله مع وحدات العمل المختلفة (فرد،جماعة،مجتمع) في علاقته بهم.
وتقوم مبادئ العمل بالنسبة للخدمة الاجتماعية وطرقها الثلاثة على مجموعة من الاعتبارات النفسية والاجتماعية ولعل أهم هذه الاعتبارات هي:
1 – أن الإنسان كائن اجتماعي يعني أنه يرغب في المعيشة مع الآخرين ولا يمكنه العيش لوحده.
2 – الإنسان نتاج اجتماعي، فسلوكه في أي لحظة يكون نتيجة مباشرة لخبراته الاجتماعية.
3 – لكل إنسان سواء كان فرداً أو داخل جماعة حاجات مادية ونفسية يحاول تحقيقها باستمرار، ويؤدي هذا إلى التفاعل الاجتماعي، مما يؤدي إلى تغير المجتمع.
4 – أن كل إنسان تتصارع في نفسه رغبات متضاربة، فهو يريد الاعتماد على الغير من ناحية ويريد الاستقلال من ناحية أخرى، كما أنه يريد التقليد وكذلك التجديد، وهكذا.
5 – أن افتتاح الإنسان ذهنياً بشيء لا يعني أنه سوف يؤديه فتكوين العادات لا يأتي عن طريق النصح ولكن عن طريق الممارسة.
6 – أن الإنسان يحيط نفسه دائماً بسياج دفاعي، فيظهر غير ما يبطن.
7 – أن للإنسان قدرة على التكيف مع الظروف المحيطة دون مساعدة خارجية غالباً.
8 – أن للإنسان قدرة على إحداث تغيرات في نفسه كما في مجتمع أيضاً.
9 – أن بعض أفراد المجتمع لهم نفوذ أكثر من غيرهم على باقي أفراد المجتمع.
10 – أن الناس لهم سرعة خاصة في النمو، فمن الصعب إحداث تغيير كبير فيها.
11 – أن المواطنين يمكنهم اتخاذ قرارات صالحة بشأن مشكلاتهم كأفراد وجماعات ومجتمعات دون مساعدة غالباً.
هذه الاعتبارات الأساسية يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تطبيق مبادئ الخدمة الاجتماعية في الممارسة العملية.
والمبدأ: هو حقيقة أساسية لها صفة العمومية، وقد يصل الإنسان إلى هذه الحقيقة عن طريقة الخبرة والمنطق أو عن طريق التجريب المقنن ومبادئ الخدمة الاجتماعية لم يصل إليها العاملين بالمهنة عن طريق التجريب المقنن، وإنما أتت عن طريق تحليل خبرات كثيرة مر بها عدد كبير من العاملين في الميدان، أي أن مبادئها لا زالت في مرحلة الفروض الأساسية المدعمة بالخبرات المتراكمة ولكنها لم تصل بعد إلى مستوى القوانين الثابتة.
وهناك اعتقاد خاطئ بأن مبادئ الخدمة الاجتماعية يجب أن تكون ثابتة أي أنها لا تتغير بتغير المكان أو الزمان.
المبادئ تعتمد على ناحيتين أساسيتين:
1 – طبيعة الإنسان الذي تتعامل معه من ناحية.
2 – فلسفة التغيير من ناحية أخرى.
ولما كان الإنسان نتاجاً اجتماعياً أي أن استجابته تتفق والبيئة التي عاش فيها فإنه يمكن القول أن طبيعة الناس تختلف من مكان لمكان، ومن ناحية أخرى، فإن فلسفة التغير تختلف من مجتمع لآخر، وعلى ذلك يمكن القول بأن مبادئ الخدمة الاجتماعية يمكن أن تدخل عليها التغيير الملائم لطبيعة الزمان والمكان الذي تمارس فيه الخدمة الاجتماعية ذاتها.
والأسلوب: هو الطريقة التي يمكن بها تطبيق المبدأ، فإذا قلنا مثلاً أن الديمقراطية وحق تقرير المصير أحد مبادئ الخدمة الاجتماعية فإن تطبيق هذا المبدأ بصورة عملية يتخذ صوراً مختلفة هي التي نقول عنها الأساليب.
مبادئ الخدمة الاجتماعية:
أولاً: التقبل:
وهو من المفاهيم التي عاصرت خدمة الفرد، كما أنه من المفاهيم الراسخة الثابتة التي تكررت واجتمعت عليها معظم الآراء، ولقد وضعت لبنته الأولى (ماري ريتشموند) حين دعت إلى احترام آدمية الفرد وكرامته في وقت لم يكن للفقير أو العاجز أي حق في هذا الاحترام، كما أنه تطور من مفهوم أخلاقي إلى مفهوم علاجي لعملية التعديل الذاتي نفسها، فتحولت فكرة الاحترام المجرد إلى نوع من الحب والقبول يهيئ تربة صالحة لنمو العلاقة المهنية.
اختلفت وجهات نظر التقبل على الآتي:
تعريف بياستوك للتقبل: هو تقدير وقبول للعميل وظروفه، بحسناته وعيوبه، بقواه وضعفه، بمشاعره الإيجابية والسلبية، باتجاهاته البناءة والهدامة، فهو قبول له كإنسان له قيمته وله كرامته، لا يعني قبولنا له تأميناً على سلوكه اللا أخلاقي وإنما يعني قبولاً للواقع كما هو الحسن منه والسيئ.
تعريف فاطمة الحاروني: التقبل هو إظهار الأخصائي مشاعر الود والارتياح عند ملاقاة العميل في موقع العمل المهني، وغالباً ما يستجيب العميل للأخصائي ويرد عليه بنفس المشاعر ويكون القبول متبادلاً.
تعريف أحمد السنهوري: التقبل اتجاه الأخصائي نحو العميل كشخصية مستقلة عن شخصيته وأن الأخصائي يجب ألا يدخل النواحي الذاتية الخاصة به في الحكم على تصرفات وانفعالات العميل.
ومن هذه التعاريف يمكن تحديد عناصر التقبل فيما يلي:
1 – العنصر الإيجابي. 2 – العنصر السلبي،
فالإيجابي للتقبل يقصد به الجانب الإيجابي الوجداني الذي يكمن في قبول الإنسان كفرد له قيمة وكرامة، أما السلبي للتقبل فيتمثل في عدم قبولنا للسلوك اللا أخلاقي للعميل وعدم الموافقة على هذا السلوك.
ومبدأ التقبل يحقق أهدافاً علاجية هامة أهمها:
1 – تخلص العميل من مشاعر الخجل والخوف.
2 – تخفيف حدة التوترات بدرجاتها المختلفة الناجمة عن مشاعر القلق أو الغضب أو الحساسية.
3 – يؤدي التقبل إلى بداية طيبة لنمو العلاقة المهنية بين الأخصائي والعميل.
4 – تساعد على قبول العميل لنفسه وثقته بها.
يقضي هذا المبدأ من الأخصائي الاجتماعي أن يتقبل العميل فرداً أو جماعة أو مجتمعاً محلياً كما هو وليس على الصورة التي يجب أن يكون عليها، بغض النظر عن خصائصه البيولوجية أو السيكولوجية أو الاجتماعية أو البيئية أو المادية، وبالتالي لا تتدخل الاعتبارات الشخصية أو الذاتية للأخصائي في الحكم على العميل.
ويكون تقبل الأخصائي للعميل الفرد من خلال مواقف معينة ومظاهر سلوكية من جانبه مثل:
1 – احترام العميل لذاته.
2 – احترام ما يصدر عنه من آراء.
3 – عدم التسرع في إصدار الأحكام على سلوك العميل حتى يمنح فرصة كافية للتعبير عن نفسه.
وفي حقيقة الأمر .. إن التقبل لا ينبغي أن يكون من طرف واحد إذ يجب من ناحية أخرى أن يتم قبول العميل للأخصائي، وعلى الأخصائي أن يتأكد من ذلك حتى يضمن اطمئنان العميل له واستمرار العلاقة المهنية بطريقة تساعد العميل على علاج مشكلته.
أساليب تطبيق مبدأ التقبل ودور الأخصائي الاجتماعي:
1 – أن يؤمن الأخصائي الاجتماعي بأن النقائض الموجودة عند العميل هي بمثابة الأعراض الدالة على مشكلته.
2 – أن يؤمن بأن لكل إنسان قدرات وإمكانيات قابلة للاستثمار والتطوير، فيعمل على استدعائها وخلق الحافز لدى العميل لاستغلالها والاستفادة منها.
3 – أن يتقبل العميل كشخصية مختلفة تماماً عن شخصيته، وأن يدرك أن لكل عميل ميولاً واستعدادات تختلف عنه ورغباته وخبراته واتجاهاته.
4 – أن يهتم بعملائه ولا يميز بينهم في درجة الاهتمام.
5 – أن يتجنب الحكم السريع على العملاء.
6 – أن يستمع للعميل باهتمام ويمنحه الفرصة الكافية للتعبير عن نفسه.
7 – أن يكون مظهره لائقاً لا يثير في العملاء عوامل الاحتقار أو الشعور بالدونية.
معوقات تطبيق مبدأ التقبل:
1 – معوقات من جانب العميل.
2 – معوقات من جانب الأخصائي.
3 – معوقات من جانب المؤسسة.
أما فيما يتعلق بالعمل مع الجماعات فإن الأخصائي الاجتماعي يتقبل أفراد الجماعة التي يعمل معها على ما هم عليه من خصائص إيجابيه أو سلبية، فعليه تقبل تقاليدهم وقيمهم ومعايير سلوكهم، وإذا كان الأخصائي لا يقر بعض مظاهر سلوكهم فليس معنى ذلك أن يلغي قبوله لهؤلاء الأفراد، فهو بناء على معارفه وخبراته يستطيع أن يفسر بعض مظاهر السلوك غير السوي ويردها إلى أصولها.
ويعبر الأخصائي عن تقبله لأفراد الجماعة بطرق مختلفة منها:
1 – مساعدة الأفراد على التعبير عن مشاعرهم العدائية بطريقة مقبولة اجتماعياً من خلال النشاط الجمعي.
2 – تقديم المكافآت الرمزية للأفراد والذين يقومون بدور فعال في حياة الجماعة.
3 – تقديره لمشاعرهم وتقاليدهم الاجتماعية حتى لو اختلفت عن مشاعره وتقاليده.
ثانياً: المساعدات الذاتية:
يعتبر مبدأ المساعدة الذاتية من أهم المبادئ، بل يعبر هذا المبدأ عن جوهر الممارسة للخدمة الاجتماعية وهو مهم انطلاقاً من مفهوم المشاركة في المسئولية والبحث وإيجاد الحلول لمشكلات العملاء التي تركز على العمل مع العميل وليس من أجله.
وقد انبثق هذا المبدأ عن الفلسفات الدينية والحركات الإنسانية وتجارب الخدمة الاجتماعية نفسها والتي وجدت أن تقديم المساعدة لذوي الحاجة أو تقديم الحلول الجاهزة لمشاكل الناس دون أي جهد منهم للتعاون في إشباع الحاجات أو علاج المشاكل كان في معظم الأحيان من العوامل التي أدت إلى استمرار المشاكل، وتدعيم الروح الاتكالية، واعتماد العملاء على الأخصائي الاجتماعي.
وعلى ذلك أصبحت النظرة إلى العميل تتمثل في أنه عنصر أساسي من عناصر التغير مما يتطلب مشاركته مشاركة تتفق مع قدراته واستعداده على توجيه هذه العملية الوجهة التي تخدم صالحه وصالح المجتمع.
والمساعدة الذاتية: هي مساعدة الفرد لنفسه وكذلك مساعدة الجماعة لنفسها ومساعدة المجتمع لنفسه، إذن هي مهنة تعمل على مساعدة العملاء لمساعدة أنفسهم في حل مشكلاتهم، أو تقوم في سبيل تذليل الصعوبات التي تحول دون قيام العملاء بمساعدة أنفسهم وفق أسس علمية منهجية.
فالمساعدة الذاتية للفرد تتحقق حينما يستطيع الفرد أن يساعد نفسه بنفسه وتتأثر قدرة الفرد وإمكانياته بخصائص المجتمع الذي يعيش فيه والجماعة التي ينتمي إليها، كما تتأثر بنوعية التعليم الذي يتلقاه، وإلى جانب تأثير هذه القدرة على المساعدة هناك عدة عوامل تتصل بالفرد منها ما يتصل بشخصيته ومنها ما يتصل بتاريخ حياته وما مر به من تجارب وخبرات.
أما فيما يتعلق بالمساعدة الذاتية للجماعة أو المجتمع فتتحقق حين تقوم جماعة من الناس بإشباع حاجة معينة من احتياجاتها كجماعة، أو بحل مشكلة تمس أفرادها جميعاً عن طريق الجهود المشتركة لأفراد هذه الجماعة كما يلجأ المجتمع عادة إلى عدة وسائل يستخدمها في علاج مشاكله.
وفي الواقع فإن المساعدة الذاتية والمساعدة التي يتلقاها الفرد أو الجماعة أو المجتمع من الخارج هذان النوعان من المساعدة يكملان بعضهما البعض، وفي بعض الأحيان قد لا تجدي المساعدة الخارجية لوحدها نفعاً إن لم يصاحبها استعداد من الطرف المستقبل لهذه المساعدة.
وتتأثر قدرة العميل على المساعدة الذاتية بمجموعة العوامل الآتية:
1 – العوامل الشخصية ومن أهمها فهم العميل لذاته، واقتناعه بما يملكه من قدرات وخبرات.
2 – عوامل اجتماعية تعود إلى التنشئة الاجتماعية والقيم والمعايير الاجتماعية والثقافية.
3 – عوامل مجتمعية تتمثل في ما هو متوافر في المتجمع من إمكانيات وفرص لتوفير الاحتياجات.
أساليب تطبيق مبدأ المساعدة الذاتية ودور الأخصائي الاجتماعي:
1 – أن يدرك الأخصائي أن الهدف الرئيس لمهنة الخدمة الاجتماعية هو مساعدة العميل على مساعدة نفسه، والعمل معه وليس من أجله، فمفهوم المشاركة في جميع المراحل أساسي.
2 – أن لا يفرض آراءه الشخصية على العميل، وأن لا يدعي معرفة كل شيء بل عليه أن لا يخجل من طلب المساعدة من أخصائيين من مختلف الميادين والمعارف الأخرى.
3 – أن تتوافر فيه القدرة والإمكانية للتعرف على قدرات العملاء وطاقاتهم وإمكانياتهم، ويحسن استثارتها واستغلالها لخدمتهم.
4 – أن يدرك أن تقديم حلول جاهزة لمشكلات العملاء دون أي جهد يذكر من قبلهم سوف يؤدي إلى استمرارها.
5 – أن يدرك أن المساعدة الذاتية لا تتحقق في بعض الحالات إلا إذا توافرت بعض المساعدات الخارجية، وأن أي مساعدة خارجية قد لا يتحقق لها فرص النجاح إلا إذا صاحبها استعداد من العملاء للتعاون على مساعدة أنفسهم.
أخيراً .. فالمساعدة الذاتية لا تتحقق تلقائياً أو لا تتحقق في كل المواقف، وإنما يتطلب الأمر شروطاً معينة تمهد لتحقيق المساعدة الذاتية وهي:
1 – أن يكون الموقف المحيط بالإنسان في حدود فهمه بحيث يتاح للإنسان أن يتفهم العوامل المحددة لهذا الموقف حتى يسلك تجاهها السلوك الصحيح.
2 – إعداد الأفراد وتدريبهم على مواجهة الموقف يساعد على تحقيق المساعدة الذاتية أو يستطيع الإنسان أن يواجه المشاكل التي تعترض حياته وأن يعمل على علاجها إذا تلقى التعليم والإعداد والتدريب الكمي والكيفي الذي يؤهله لعلاج هذه المشاكل بنفسه.
ثالثاً: حق تقرير المصير:
يقوم هذا المبدأ على فلسفة الحرية هي أساس النمو وعن طريق هذه الحرية يكتسب الفرد الكثير من الخبرات.
وقضية الحرية قضية هامة تعرضت لكثير من الجدل، كذلك تعددت مسميات مبدأ حق تقرير المصير فمنها: التوجيه الذاتي – المساعدة الذاتية – الاختيار الحر – حرية الإرادة – حرية الاتجاه
تعريف بياستوك لحق تقرير المصير: أنه الاعتراف الواعي بحق العملاء وحاجاتهم إلى الممارسة الذاتية لقدراتهم لتحديد مصائرهم، ولكنه حق مشروط بتوفير الوضوح الكافي للموقف الإشكالي والإمكانات المتاحة توضيحاً يتيح لهم الاختيار الأفضل لصالحهم وصالح مجتمعهم في نفس الوقت، ويستثنى عند تطبيق هذا المبدأ من يثبت لديهم عجز وظيفي عن إدراك صالحهم أو صالح الجماعة أو صالح المجتمع ككل.
تعريف فاطمة الحاروني: حق تقرير المصير هو منح العميل المسئول ذي الأهلية حق التصرف الحر في شؤونه الخاصة داخل نطاق المؤسسة وخارجها في حدود القوانين والنظم الخاصة، بكل منها.
تعريف عبدالفتاح عثمان: حق تقرير المصير هو حرية مقيدة يتمتع العملاء بدرجات متفاوتة تتفق مع طبيعة مشكلاتهم وأنماط شخصياتهم في إطار فلسفة المؤسسة وإمكانياتها.
يقوم هذا المبدأ على الاعتراف بحق الإنسان في أن يحيا الحياة التي يختارها لنفسه وأن يتجه بحياته الوجهة التي يرغبها بإرادته والتي تنسجم مع قيمه ومعتقداته، ولا يعني التجاء العميل إلى الأخصائي عن طريق إحدى المؤسسات الاجتماعية أنه تنازل عن حقه في تقرير مصيره وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بحياته، على ذلك يجب على الأخصائي أن يتجنب فرض أراء معينة أو حلول خاصة على العميل بشكل يؤدي إلى سلبه هذا الحق.
ليس معنى ذلك أن حق تقرير المصير حقاً مطلقاً، وإنما يخضع هذا الحق لبعض القيود التي يفرضها صالح العميل نفسه أو صالح الأفراد الآخرين المتصلين به أو صالح المجتمع العام.
وحرية الإنسان وحقه في تقرير مصيره مرهونة بتوافر عدد من العناصر الشخصية أبرزها قدرته على تحمل المسئولية واتخاذ القرارات، وتقدير عواقب السلوك والآثار المترتبة عليه، وكذلك قدرته على تقدير الآخرين وحقوقهم في الحياة، لذا فإن مفهوم الحرية في الخدمة الاجتماعية مفهوم نسبي مرهون بالعوامل السابقة.
ومن أهم الاعتبارات التي تتدخل في تقييد حق تقرير المصير اعتبارات خاصة بالعميل، وأخرى خاصة بالمؤسسة الاجتماعية وثالثة متعلقة بالمجتمع العام.
1 – اعتبارات خاصة بالعميل:
يتوقف منح العميل حقه في تقرير المصير على تفهم شخصيته وقدراته الجسمية والعقلية والنفسية ونموه الجسمي والعاطفي والعقلي، وقد يلجأ الأخصائي في بعض المواقف إلى سلب هذا الحق من العملاء إذا وجد من خلال الدراسة أن حالتهم لا تمكنهم من حسن استخدام هذا الحق والمحافظة عليه ومثال ذلك:
الأحداث المنحرفون، بعض حالات المرض النفسي والجسمي، حالات الإدمان الشديد على المخدرات والمسكرات، الأطفال الصغار، الحالات التي يقع منها ضرر على العميل نفسه كالرغبة في الانتحار، حالات الخروج على القوانين كالتعيش من السرقة، حالات التعدي على تقاليد المجتمع، حالات التعارض مع المستويات الخلقية كالكذب والتضليل.
2 – اعتبارات خاصة بالمؤسسة الاجتماعية:
- عدم منح العميل الحق في اختيار الأخصائي الذي يتولى دراسة حالته.
- عدم منح العميل الحق في تقديم البيانات اللازمة لبحث حالته.
- عدم منح العميل الحق في إجراء الاختبارات اللازمة سواء مهنية أو نفسية عليه.
3 – اعتبارات خاصة بالمجتمع:
للمجتمع العام قيمه وتقاليده وقوانينه وأعرافه والتي ينبغي ألا يتجاوزها العميل متعللاً باستخدام حقه في تقرير مصيره وعلى الأخصائي الاجتماعي مساعدة العميل على تفهم هذه القيم وضوابط السلوك وعلى توجيه حياته الوجهة التي لا تتعارض معها.
وعلى الرغم من أهمية هذا المبدأ وما له من دور في ممارسة الخدمة الاجتماعية إلا أن الأخصائي قد يصادف بعض الأوضاع الاجتماعية التي تحد من فعاليته في التطبيق خاصة في المجتمعات النامية:
- انتشار الجهل وارتفاع نسبة الأمية في الدول النامية وعلى الأخص في المجتمعات الريفية.
- انتشار ظاهرة التواكل في بعض المجتمعات تغذيها بعض الاتجاهات التربوية التي لا تعنى بإعداد الطفل للاستقلال الذاتي في المستقبل ولتوجيه شؤون نفسه.
- انخفاض متوسط الدخل الفردي بطريقة قد تعوق الفعالية المطلوبة لمبدأ تقرير المصير إذ يدفع الفقر والحاجة الملحة ببعض الأفراد إلى التنازل عن هذا الحق أو عدم الاهتمام به.
أهداف مبدأ حق تقرير المصير:
1 – الإيمان بأهمية الإنسان وحقه في ممارسة حياته بالأسلوب الذي يراه مناسباً.
2 – ممارسة الإنسان لحرية وحق تقرير المصير يمنحه الفرصة لتحمل المسئولية، واتخاذ ما يراه مناسباً من قرارات تهم حياته الشخصية والعامة.
3 – احترام حق الإنسان في تقرير مصيره يساعد على نمو العلاقة المهنية بين الأخصائي والعميل مما يوجد مناخاً للتفاعل من أجل تحقيق المساعدة.
4 – تطبيق هذا المبدأ يحقق أهدافاً علاجية لبعض العملاء خاصة الذين قيدت طاقاتهم لفترات طويلة لدرجة اتسمت معها شخصياتهم بالخوف الدائم، والشعور بالقلق، وفقدان الثقة بالنفس، والتردد في اتخاذ القرارات.
5 – الحرية في خدمة الفرد هي حرية اجتماعية مقيدة طالما يعيش الإنسان في مجتمع له قيوده.
6 – هذه القيود هي قيود صحية، فلا حياة بلا قيود.
7 – يعني المبدأ أساساً لصالح كل من الفرد والجماعة في نفس الوقت.
8 – إذا ما تعارضت هذه المصالح أو تعرض أي منها لأخطار محققه يقيد حق العميل في ممارسة المبدأ ويتدخل الأخصائي في توجيه الموقف.
9 – لا يعني بهذا التدخل تفويضاً كاملاً للأخصائي بممارسة حقوق العملاء بل التدخل النسبي الذي تفرضه درجة الخطورة.
10 – عند حدوث التدخل يسمح للعميل ببعض الاختيارات.
11 – إلى جانب الأهداف العلاجية التي يحققها مبدأ تقرير المصير فإن الممارسة لهذا المبدأ هو علاج مستقبلي لبعض الأنماط الشخصية الذين قيدت طاقاتهم لفترات طويلة.
أساليب تطبيق مبدأ حق تقرير المصير ودور الأخصائي الاجتماعي:
حتى يستطيع الأخصائي تطبيق هذا المبدأ لا بد من إتباع الأساليب الآتية:
1 – توضيح جميع جوانب المشكلة للعميل، والتأكد من أنه قد أدركها بشكل جيد.
2 – بيان الإمكانيات المتوافرة والفرص المتاحة لمواجهة مشكلة العميل والحلول المختلفة لعلاجها.
3 – إزالة جميع التوترات والمخاوف والعوامل الداخلية التي قد تعيق العميل عن الإدراك وتحول دون قدرته على الحكم السليم على الأمور.
4 – تقديم عدد من الاقتراحات التي قد يحتاجها العميل، وترك الحرية له لاختيار الأنسب من بينها وعلى الأخصائي هنا أن يبين للعميل إيجابيات كل اقتراح منها وسلبياته حتى تكون عملية الاختيار سليمة.
استثناءات مبدأ حق تقرير المصير:
القيود التي تعوق تطبيق مبدأ حق تقرير المصير:
1 – ثبوت عجز وظيفي لدى العميل.
2 – أحكام القانون العام.
3 – أحكام القيم الأخلاقية.
4 – شروط المؤسسة وفلسفتها.
خلاصة هذا المبدأ أن يعمل الإنسان فرداً أو جماعة أو مجتمع بحل مشكلاته وبناء مستقبله بقرار صادر عن قناعاته ولو ساعده الأخصائي الاجتماعي على اتخاذ القرار المناسب بحقيقة الموقف وحجم الإمكانيات المتاحة، وفائدة الحل أو الهدف الذي ينبغي التوصل إليه.
رابعاً: المشاركة:
من المبادئ المعمول بها في الخدمة الاجتماعية أن الأخصائي لا يحل مشاكل الأفراد بقدر ما يساعد هؤلاء الأفراد مساعدة تبنى على دراسة علمية ومهارة عملية، يساعدهم على تفهم مشاكلهم وعلى رسم خطط العلاج معتمدين في ذلك على إمكانياتهم الذاتية بقدر استطاعتهم مع الاستعانة بالموارد والخدمات الاجتماعية المتاحة في البيئة المحيطة، ويتفق هذا المبدأ مع المبادئ الأخرى التي تعتمد عليها الخدمة الاجتماعية خاصة المساعدة الذاتية وحق تقرير المصير، فالعميل وحده هو صاحب الحق في توجيه حياته، وبالتالي لا بد أن يسهم بدور فعال في الخدمة ويتحمل النصيب الأكبر في المسئولية ولا يلقى العبء على الأخصائي فلا بد من النشاط المثمر بين الطرفين، لأن مشاركة العميل في تشخيص حالته وفي التعرف على النواحي العلاجية فيها يزيد من حرصه على وضع العلاج المقترح موضع التطبيق.
كذلك الحال حين يعمل الأخصائي مع الجماعة، حيث يحرص على مساعدة أعضائها ومساعدة الجماعة ككل على تنمية قدراتها الذاتية وعلى الاعتماد على مواردها لإشباع احتياجاتها، فالجماعة السوية في مجال خدمة الجماعة هي التي تشارك مشاركة فعالة في تسيير شئونها وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتها وحياة أفرادها.
ويعتبر مبدأ المشاركة كذلك من المبادئ الأساسية والهامة في الممارسة العلمية لطريقة تنظيم المجتمع بل إن نجاح الطريقة يتوقف على مدى مشاركة المواطنين في إنجاز الخطوات المتعلقة بها إذ أن المواطنين في أي مجتمع هم أكثر حساسية من غيرهم لما يصلح لمجتمعهم، وما لا يصلح له، بالإضافة إلى أن اشتراك المواطنين في حل مشاكل مجتمعهم إنما يساهم ككل على تحمل المسئوليات تدريجياً وعدم الاعتماد كلياً على المصادر الخارجية.
خامساً: السرية:
نظراً لأن عمل الأخصائي يتصل في معظم الأحيان بحياة الناس وبالكثير من دقائق حياتهم الخاصة، ونظراً لما لهذه الحياة من حرمة ومن قدسية فإن عمل الأخصائي يتسم بحساسية خاصة، ويتطلب احتياطات معينة حفاظاً على حرمات الناس.
فالأخصائي بحكم مهنته سوف يطلع على كثير من المعلومات الشخصية والأنماط السلوكية، وأساليب المعينة، والظروف الأخلاقية والقيمية لمختلف العملاء الذين يتعامل معهم ومما يؤكد أهمية هذا المبدأ هو ما يتصف به مجتمعنا العربي من قيم دينية وأخلاقية واجتماعية، ويكتسب هذا المبدأ أهمية خاصة في طريقة خدمة الفرد.
يقصد بالسرية أن يكون الأخصائي أميناً على معلومات العملاء وأسرارهم، ويكفل حياتها والمحافظة عليها وضمان عدم تسربها.
ويعد مبدأ السرية من أهم المبادئ التي تنمي الشعور بالثقة والاطمئنان في نفس العميل ولهذا يحرص الأخصائي على إبراز هذا المبدأ وتأكيده أمام العميل وعلى الأخص في المقابلات الأولى حيث العلاقة بينهما لم تتبلور بعد.
أهداف مبدأ السرية:
الأول: هدف أخلاقي: ويتجلى في المحافظة على حق الإنسان في أن يملك وحدة حياته الخاصة وأسرارها، وكذلك حقه في أن يملك حرية إذاعة أسراره الخاصة في أي وقت.
الثاني: هدف مهني: ويتجلى في أن اطمئنان العميل على سرية المعلومات يجعله يسترسل بحرية في حديثه وفي الإدلاء بالمعلومات، الأمر الذي يزيد في مستوى معرفة الأخصائي وتكشفه لكثير من جوانب المشكلة، وأن استرسال العميل في الحديث عن مشكلته هو في ذاته خطوة علاجية، إضافة إلى تطبيق المبدأ يعد من الأسس التي يعتمد عليها نمو العلاقة المهنية.
يراعي الأخصائي اعتبارات معينة محافظة على مبدأ السرية منها:
1 – أن يكون العميل بالنسبة له هو المصدر الأساسي للمعلومات والبيانات اللازمة لدراسة حالته.
2 – عدم الاستعانة بالمصادر الخارجية إلا في حدود ضيقة وبإذن منه.
3 – يلتزم الأخصائي في الحصول على البيانات اللازمة في حدود المشكلة التي يعاني منها العميل.
4 – لا يتحدث عن حالات عملائه مع غيره.
5 – لا يقوم الأخصائي بزيارة العميل إلا باتفاق سابق.
6 – حفظ كل ما يتعلق بالعملاء من تقارير ومستندات في أماكن خاصة يضمن لها السرية.
7 – تراعي المؤسسة أماكن خاصة بمقابلة الأخصائي مع العميل حفاظاً على السرية.
8 – أن يتجنب الأخصائي ذكر أي معلومات تدل على تشخيص العميل أو عنوانه عند استخدام الحالة لأغراض الدراسة.
استثناءات مبدأ السرية:
1 – حالات الأمراض المعدية والوبائية.
2 – الحالات التي تشكل خطراً على حياة العميل، مثل المرض العقلي.
3 – الحالات التي تشكل خطراً على المجتمع، مثل حالات الانحراف.
4 – حالات الإصابة باضطرابات شخصية واضحة تسيء للمجتمع.
سادساً: العلاقة المهنية:
تنشأ بين الأخصائي وبين وحدات الخدمة التي يتعامل معها أفراد وجماعات ومجتمعات علاقة تتصل بالعمل سميت بالعلاقة المهنية وذلك تمييزاً لها عن أنواع العلاقات الأخرى.
وتتكون العلاقة المهنية من مجموعة من المثيرات والاستجابات بين الأخصائي والعميل يحدها إطار معين يتشكل وفقاً لطبيعة الموقف.
اختلفت الآراء بين الباحثين في تصنيف العلاقة المهنية، فعد الفريق الأول العلاقة المهنية مبدأ من مبادئ الخدمة الاجتماعية، بينما عدها الفريق الثاني أساساً للمبادئ المهنية الأخرى.
ويرى أنصار الفريق الثاني أن باقي مبادئ الخدمة الاجتماعية تدور في محور العلاقة المهنية ودونها لا يستطيع الأخصائي الاجتماعي تحقيق المبادئ الأخرى، ويضيف هؤلاء بأن التزام الأخصائي الاجتماعي بالمبادئ الأخرى يدعم ويقوي العلاقة المهنية بينه وبين العميل الأمر الذي سيؤدي إلى تسهيل عملية المساعدة وتيسيرها.
إذن العلاقة المهنية هي المبدأ الأساسي لمهنة الخدمة الاجتماعية، وأن المبادئ الأخرى سوف تؤدي في حال تطبيقها إلى إقامة علاقة مهنية بين الأخصائي والعميل على اختلاف مستوياته (فرد أو جماعة أو مجتمع) وسيكون لها آثار إيجابية على تحقيق أهداف الخدمة الاجتماعية، فالعلاقة المهنية تتأثر بالمبادئ الأخرى وتؤثر فيها وأن العلاقة بينهما هي علاقة جدلية تبادلية.
مفهوم العلاقة المهنية:
العلاقة بمفهومها العام هي حالة من الارتباط بين شخصية أو أكثر بموضوع معين، وتمثل العلاقة المهنية في الخدمة الاجتماعية حالة من الارتباط المهني المؤقت بين العميل بمستوياته المختلفة (فرد،جماعة،مجتمع) وبين الأخصائي، وتنتهي بتحقيق الأهداف التي أقيمت من أجلها.
وتتميز هذه العلاقة بأنها عملية تفاعل بين الجانب الوجداني (العاطفي) والجانب العقلي (الموضوعي) ونعني بالتفاعل الوجداني بأنه عملية تقوم على أساس تقبل الأخصائي الاجتماعي وتفهمه لمجموعة المشاعر السلبية التي يعانيها العميل ويعبر عنها، وكذلك تقبل الأفكار والمعاني التي يبديها العميل وتفهمها عند تفسيره لمشكلته والظروف التي يعيش فيها، أما التفاعل العقلي فهو استجابة الأخصائي الاجتماعي المناسبة التي تعتمد على فهمه وتحصيله للحقائق الذاتية (من وجهة نظر العميل) والحقائق الموضوعية (للواقع الذي يعيشه العميل) وأن يقوم الأخصائي الاجتماعي بعد ذلك بطرق مجموعة من الأفكار والآراء والحلول التي تناسب مشكلة العميل.
والعلاقة المهنية هي أساس يجمع طرق الخدمة الاجتماعية، ولا تقتصر على طريقة دون الأخرى، فالأخصائي الذي يعمل بطريقة العمل مع الجماعة يعتمد في عمله على العلاقة المهنية التي يبنيها مع أفراد الجماعة وقدرته على تفهم كل فرد فيهم، وعلى مساعدة الجماعة على تحقيق الأهداف التي رسمتها بنفسها، وكذلك الأمر في طريقة تنظيم المجتمع، حيث يجب على الأخصائي أن يكون لديه القدرة على تكوين علاقة مهنية إيجابية مع أفراد المجتمع المحلي ليكون قادراً على التفاعل معهم أثناء عمليات تنظيم المجتمع ومراحلها.
تتميز العلاقة المهنية عن العلاقة الشخصية في الآتي:
1 – العلاقة المهنية وسيلة لغاية محددة هي مساعدة العميل فرد أو جماعة أو مجتمع وذلك لعلاج ما يعترضه من مواقف صعبة، بينما العلاقة الشخصية تعتبر غاية في ذاتها تشبع حاجات اجتماعية لدى الفرد.
2 – يتدخل التوقيت في التمييز بين العلاقة المهنية والعلاقة الشخصية، فالعلاقة المهنية موقوتة بوقت معين وتنتهي بانتهاء تقديم الخدمة باعتبارها الأصل في قيام هذه العلاقة، بينما العلاقة الشخصية بطبيعتها تعارض فكرة التوقيت إذ ليس لها أن تنتهي بتاريخ معين.
3 – تقوم العلاقة المهنية على أساس من الحقائق العلمية من ناحية، وعلى المهارات والخبرات المتصلة بالنشاط المهني من ناحية أخرى، ويتم اكتساب هذه المهارات والخبرات عن طريق مرحلة مخططة من التدريب النظري والعلمي ومن هنا تتسم العلاقة بالموضوعية لارتباطها بحقائق ومهارات أكثر من ارتباطها بمشاعر ذاتية، هذا بخلاف العلاقة الشخصية التي تكون فيها الاعتبارات الذاتية ركناً هاماً من أركان العلاقة الشخصية.
4 – لا تتأثر العلاقة المهنية ولا ينبغي أن تتأثر بمظاهر السلوك التي تصدر عن العميل خلال عملية الاحتكاك والتفاعل بين الأخصائي والعميل، لأن هذه المظاهر السلوكية في كثير من الأحيان تصدر تعبيراً عن الصعاب التي تعترض العميل أكثر منها نحو الأخصائي بغرض النيل منه على أي صورة من الصور، وليس الأمر ذلك بالنسبة للعلاقة الشخصية.
خصائص العلاقة المهنية:
1 – تمثل حالة من التفاهم بين طرفيها تنمو تدريجياً في أثناء عمليات تبادل المشاعر والأفكار، وبما أن العلاقة المهنية حالة تنمو فهي لا تخضع لأي معايير أو إجراءات محددة.
2 – تمر العلاقة المهنية في ثلاث مراحل أساسية هي: البداية والوسط والنهاية.
أما بداية العلاقة المهنية فهي مرحلة استطلاعية اختباريه وحذرة تظهر فيها علامات المقاومة النفسية من جانب العميل، يحضر العميل إلى مكتب الأخصائي وهو يحمل في نفسه تساؤلات عديدة من ضمنها:
من الأخصائي وما شكله؟ ما طريقة الأخصائي وأسلوبه في التعامل معي؟ هل يساعدني أم يسخر مني أم يرفض مساعدتي؟ كيف أطلع الأخصائي على مشكلتي وهل يصدقني؟
ويتميز وسط العلاقة المهنية بالاستقرار، فتخف مشاعر القلق والخوف عند العميل وتنمو بدلاً منها مشاعر الثقة المتبادلة، كما تتميز بالتفاعل العقلي وخاصة عن طريق الاستجابات العقلية والموضوعية التي يظهرها الأخصائي الاجتماعي إزاء مشكلة العميل.
أما نهاية العلاقة المهنية فتتميز بالتمهيد من جانب الأخصائي لإقفال ملف الحالة إما بالوصول إلى حل للمشكلة أو بتحويل الحالة إلى مصادر خدمات مجتمعية أو مهنية أخرى، وهنا يجب على الأخصائي أن يبدأ بالتخفيف من حدة التفاعل تمهيداً لإنهاء العلاقة.
ومن أبرز أساليب إنهاء العلاقة التباعد الزمني بين المقابلات، وربط العميل بالواقع، وحثه على الاستقلال خصوصاً في مراحل تنفيذ الخطة العلاجية.
العلاقة المهنية علاجية:
أ – العلاقة المهنية التصحيحية أو التقويمية.
ب – العلاقة المهنية التأثيرية.
ج – العلاقة المهنية التدعيمية.
وهذا توضيح للدور العلاجي لكل نمط من هذه الأنماط:
أ – العلاقة المهنية التصحيحية أو التقويمية:
وهي قدرة الأخصائي على تقييم بعض الاضطرابات أو العادات السلوكية وتصحيحها، وتعديل اتجاهات العميل نحو نفسه ونحو الظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي يعيشها، وتعديل اتجاهاته نحو الآخرين.
وتستخدم هذه الطريقة مع المضطربين نفسياً ومع بعض حالات الانحرافات السلوكية أو العادات السلوكية السلبية مثل:
حالات الاضطرابات النفسية مثل: القلق، الخوف، الوساوس، وغيرها.
حالات الانحرافات السلوكية مثل: السرقة، الاعتداء اللفظي، أو الجسدي، أو غيرها.
حالات العادات السلوكية السلبية مثل: مص الأصابع، قضم الأظافر، التبول اللا إرادي، وغيرها.
وتستخدم العلاقة المهنية التصحيحية بصورة مباشرة كأن يقوم الأخصائي بطريقة مباشرة بتصحيح السلوك أو تعديله أو تعديل الاتجاهات عن طريق مواجهة العميل بسلبياته، وإما بصورة غير مباشرة بقيام الأخصائي ببعض المسلكيات المقصودة والموجهة نحو تحقيق هدف علاجي على أمل أن يقوم العميل بتقليدها، وحتى تحقق هذه الطريقة النجاح المطلوب لابد أن تكون العلاقة المهنية بين الأخصائي والعميل علاقة وطيدة مفعمة بالاحترام والثقة المتبادلة.
ب – العلاقة المهنية التأثيرية:
تتميز هذه العلاقة بقدرة الأخصائي ومهاراته في استغلال عامل الثقة والاحترام المتبادل بينه وبين العميل، ومعلوماته وخبراته ووظيفته في التأثير في شخصية العميل.
ويستخدم هذا النمط بشكل فعال مع الأحداث المنحرفين أو الأطفال أو طلبة المدارس.
ج – العلاقة المهنية التدعيمية:
إن بناء عوامل الثقة والاحترام المتبادل بين الأخصائي والعميل وتدعيمها يزيد في اطمئنان العميل وشعوره بالأمن، ويزيل عنه عوامل الخوف والقلق، الأمر الذي يدفع به عميل إلى التعاون مع الأخصائي في مراحل تقديم الخدمة منذ بدايتها وحتى نهايتها.
4 – العلاقة المهنية علاقة مؤسسية:
يميز العلاقة المهنية ارتباطها بوظيفة المؤسسة الاجتماعية التي يعمل فيها الأخصائي وإمكانيتها وظروفها وخصائصها الإدارية، ولابد هنا من الإشارة إلى أن العلاقة المهنية تبدأ عندما تنطبق شروط المؤسسة على حالة العميل.
5 – العلاقة المهنية علاقة قيادية:
يقصد بالقيادية هنا التي يستمدها الأخصائي من طبيعة وظيفته في المؤسسة التي يعمل فيها، فالأخصائي هو الشخص الذي يأتي إليه العميل طالباً المساعدة في حل مشكلته، فالأخصائي يستمد من وظيفته مكانة تؤهله لقيادة العلاقة المهنية والسير بها نحو الوصول إلى علاج لمشكلة العميل.
ولا يجوز بأي حال أن تكون العلاقة المهنية بين فريقين متكافئين لأنها إن كانت كذلك فإنها سوف تفقد قيمتها المهنية.
ويتوقف نجاح العلاقة المهنية على ثقة العميل بقدرات الأخصائي وخبرته ومهاراته في التعامل مع المشكلة بشكل يؤدي إلى علاجها، والأخصائي بما هو مزود به من معارف وخبرات وبما يتصف به من مهارات يستطيع توجيه المقابلة وقيادتها نحو تحقيق الأهداف المحددة لها.
وحتى يستطيع الأخصائي أن يكون قادراً على قيادة العلاقة المهنية بصورة جيدة عليه الالتزام بالآتي:
1 – احترام شخصية العميل وعدم الترفع أو التأفف في أثناء التعامل معه.
2 – عدم التحيز والتمييز بين العملاء.
3 – عدم السيطرة على العملاء، وتجنب إرغامهم على أمور تتعارض مع قيمهم ومبادئهم.
4 – قد يحصل أحياناً أن يكون سن العميل وخبرته وثقافته أعلى من الأخصائي خصوصاً إذا كان حديث التخرج، الأمر الذي يشعر معه الأخصائي بالضعف، وفي مثل هذا الموقف يجب عدم إشعار العميل بهذا الضعف بل على الأخصائي أن يستمد قيادته للموقف مما يتمتع به من معلومات ومهارات ومن وظيفته كقائد للعميلة المهنية.
6 – العلاقة المهنية علاقة مؤقتة:
ترتبط العلاقة المهنية بالفترة الزمنية التي تحتاجها عملية المساعدة، وتنتهي عند انتهاء علاقة العميل بالمؤسسة، سواء أكان ذلك بالوصول إلى علاج المشكلة أم بتحويل العميل إلى مؤسسة اجتماعية أخرى.
ولا يجوز بأي حال أن تستمر علاقة الأخصائي بالعميل إلا في الحدود التي تستدعيها طبيعة المشكلة وبما لا يتعارض مع وظيفة المؤسسة وأنظمتها الداخلية.
تنتهي علاقة الأخصائي بالعميل في الحالات الآتية:
- انتهاء المشكلة وعلاجها.
- تحويل العميل إلى مؤسسة أخرى.
- تحويل العميل إلى أخصائي اجتماعي آخر.
أساليب تكوين العلاقة المهنية ودور الأخصائي الاجتماعي:
1 – يبدأ الارتباط المهني بين الأخصائي والعميل منذ اللحظة التي يدخل فيها العميل إلى المؤسسة، ويمكن القول أن الانطباع النفسي الأول الذي يحصل عليه العميل هو حجر الأساس.
2 – أن يتعامل مع العميل كحالة فردية فريدة، فكل فرد له من السمات الشخصية والقيم والمعتقدات والاتجاهات التي تميزه عن غيره من الأفراد.
3 – أن يشعر العميل بالقبول لفظياً وسلوكياً بغض النظر عن أي عيوب أو مظاهر ضعف أو عجز في أي من جوانب شخصيته.
4 – أن يحترم رأي العميل ويتيح له الفرص الكافية للتعبير عن مشاعره وآرائه.
5 – يحتاج العميل إلى الاطمئنان على سرية المعلومات التي سوف يبوح بها، الأمر الذي سيؤثر في زيادة تفاعله في الإدلاء بالمعلومات والبيانات التي تتناسب مع طبيعة المشكلة ومتطلبات المؤسسة.
6 – يحتاج العميل في كثير من المشكلات إلى شخص يشعر به ويتيح له فرصة التعبير الحر عن مشاعره.
7 – إن تقدم العميل بطلب للمساعدة من المؤسسة والأخصائي الاجتماعي في مجتمعاتنا العربية لا يحصل إلا بعد أن يكون قد استنفذ السبل والوسائل في البحث بنفسه عن علاج لمشكلته، مما قد يسهم في خضوع العميل لكثير من المشاعر النفسية السلبية مثل الشعور بالعجز والدونية، وبالتالي فإن على الأخصائي أن يبتعد عن تكريس هذه المشاعر وتدعيمها عند تعامله مع العميل، وأن يتجنب توجيه اللوم أو التأنيب أو الإدانة له.

مناهج البحث في علم النفس

تهدف دراسة مناهج البحث إلى مساعدة الدارس على تنمية قدراته على فهم أنواع البحث والإلمام بالمفاهيم والأسس والأساليب التي يقوم عليها البحث العلمي.
تصنيف مناهج البحث:
إن البحث العلمي بمختلف أشكاله يقوم على أساس منهج الملاحظة المنظمة والموضوعية وتسجيل الأحداث ووصفها، وفيما يلي نعرض للأبعاد الست الرئيسية للبحث العلمي في مجال البحوث النفسية وهي:
أ – بحوث وصفية/ بحوث تفسيرية.
ب – بحوث طبيعية/ بحوث معالجات: الطبيعية التي لا دخل للباحث في حدوث التفاعلات، أما المعالجات فإن الباحث يتدخل في التفاعلات.
ج – بحوث تاريخية/ بحوث غير تاريخية
د – بحوث نظرية/ بحوث غير نظرية: النظرية التي تنطلق من أساس نظرية معينة، أما غير النظرية فهي تبحث ظاهرة محددة أو متغيرات.
هـ - بحوث أساسية/ بحوث تطبيقية: تساهم البحوث الأساسية في تقدم المعرفة أم البحوث التطبيقية فتساهم في تقدم التكنولوجيا.
و – بحوث تجرى على مفحوص واحد/ بحوث تجرى على جماعة:
في حالة بحوث المفحوص الواحد فإن السلوك والتغيرات التي تحدث فيه لفرد معين في زمان معين يكون هو محور الدراسة، أما في البحوث التي تستخدم فيها المجموعات فإن الباحث يقصد التوصل إلى المتوسطات بغض النظر عن درجات كل فرد في المجموعة مهما كان قربها أو بعدها عن ذلك المتوسط.
ويمكن تقسيم البحوث النفسية إلى فئتين كبيرتين من حيث المنهج المستخدم هنا:
أ – البحوث التجريبية:
تعد التجربة العلمية من أقوى وسائل البحث على الإطلاق، ونشير هنا إلى أهم الخطوات الواجب اتباعها في البحث التجريبي:
1 – هل يمكن للباحث أن يختبر المشكلة تجريبياً؟
2 – هل يمكن إجراء تجربة عليها؟
3 – بعد تأكنا من هذين السؤالين فإننا يجب أن نحدد مفاهيم البحث تحديداً دقيقاً وموضوعياً وإجرائياً، حتى لا يساء تفسير النتائج.
4 – اختيار العينة.
5 – العينة التجريبية/ العينة الضابطة.
6 – تصميم الموقف التجريبي: بشرط أن يكون قابلاً للإعادة.
7 – تحليل النتائج.
8 – قابلية التجربة للإعادة والتصميم.
ب – البحوث غير التجريبية:
أولاً: البحوث الارتباطية:
الارتباط يعني علاقة بين متغيرين قد تكون هذه العلاقة موجبة، بمعنى أن أي زيادة في المتغير الأول يصحبها زيادة في المتغير الثاني والعكس صحيح، وقد يكون الارتباط سالباً بمعنى أن أي زيادة في المتغير الأول يتبعها نقص في المتغير الثاني، وقد يكون صفرياً بمعنى أن لا توجد أي علاقة بين المتغيرين.
- إن الإرتباط لا يعني أبداً أن أحد المتغرين سبباً والآخر نتيجة.
ثانياً: الملاحظة الطبيعية:
وهي الملاحظة العلمية المنظمة والهادفة والتي تتم خارج المعمل وفي البيئة الطبيعية.
ثالثاً: دراسة الحالة:
في هذا النوع الباحثون يحللون السلوك والانفعالات والمتعتقدات من واقع تاريخ حالة فرد بعينه بصورة أكثر عمقا، وفي بعض القضايا العلمية تكون دراسة الحالة هي الوسيلة الوحيدة التي تغني عن التجريب أو الدراسات الارتباطية.
وسوف نعرض لمناهج البحث المستخدمة في الأبحاث النفسية والتربوية بالتفصيل:
أولاً: المنهج الوصفي:
يهدف المنهج الوصفي إلى توصيف الظواهر في الحاضر توصيفاً علمياً ومحاولة الكشف عما بينها من علاقات فالمنهج الوصفي يقوم بوصف ما هو كائن وتفسيره وهو يهتم بتحديد الظروف والعلاقات التي توجد بين الوقائع.
ولا يقتصر البحث الوصفي على جمع البيانات وتبويبها وإنما يمضي إلى ما هو أبعد من ذلك لأنه يتضمن قدراً من التفسير لهذه البيانات، ولذلك كثيراً ما يقترن الوصف بالمقارنة وتستخدم في البحث الوصفي أساليب القياس والتصنيف والتفسير.
وتعد الملاحظة أهم أدوات المنهج الوصفي، ويمكن تصنيفها إلى فئتين هما: الملاحظة البسيطة والملاحظة المنظمة.
الملاحظة البسيطة:
يقصد بها ملاحظة الظواهر كما تحدث تلقائياً في ظروفها الطبيعية دون إخضاعها للضبط العلمي، ويمكن أن تتم الملاحظة البسيطة بإحدى طريقتين:
1 – الملاحظة دون مشاركة: وهي التي يقوم فيها الباحث بالملاحظة دون أن يشترك في أي نشاط تقوم به الجماعة موضوع الملاحظة.
2 – الملاحظة بالمشاركة: وهي التي تضمن اشتراك الباحث في حياة الناس الذين يقوم بملاحظتهم ومساهمته في أوجه النشاط التي يقومون بها لفترة موقتة.
الملاحظة المنظمة:
تخضع للضبط العلمي سواء بالنسبة للقائم بالملاحظة أو الأفراد الملاحظين أو الموقف الذي تجرى فيه الملاحظة، ومن أمثلتها المذكرات التفصيلية، والصور الفوتوغرافية، والخرائط واستمارات البحث.
الأسس المنهجية للدراسات الوصفية:
1 – التجريد: يعني عزل وانتقاء مظاهر معينة من كل عياني لجزء من عملية تقويمية أو توصيله للآخرين.
2 – التعميم: إذا صنفت الوقائع على أساس عامل مميز أمكن استخلاص حكم أو أحكام تصدق على فئة معينة منها.
أنواع الدراسات في المنهج الوصفي:
أ – الدراسات المسحية:
وهي بمثابة محاولات لجمع البيانات التفصيلية عن ظاهرة معينة وخاصة لوضع الخطط الاجتماعية أو الاقتصادية أو التربوية، وتساعد في الكشف عن اتجاهات الإنسان وتفكيره وشخصيته وتفاعله الاجتماعي مع ذاته.
ب – دراسات العلاقات المتبادلة:
وهي تفيد في الكشف عن العلاقات بين الحقائق التي يحصل عليها الباحثون ولهذه الدراسات أشكال معروفة هي:
1 – دراسة الحالة:
وهي نوع من الدراسات المتعمقة وراء العوامل المتشابكة التي تسهم في فردية اجتماعية واحدة، سواء كان ذلك شخصاً أو أسرة أو جماعة أو مؤسسة اجتماعية أو مجتمع محلي، حتى يستطيع الباحث أن يكوّن فكرة متكاملة عن الوحدة كما تعمل في المجتمع.
2 – الدراسات المقارنة:
وهي بمثابة دراسات علمية لا تحاول الكشف فقط عن ماهية الظاهرة ولكن أيضاً عن كيفية حدوث هذه الظاهرة وذلك عن طريق مقارنة أوجه التشابه والاختلاف بين الظاهرات بغية الكشف عن العوامل التي تلعب دوراً فيها.
3 – الدراسات الارتباطية:
تستخدم لتحديد المدى الذي ترتبط فيه المتغيرات، أو بعبارة أخرى إلى أي حد تتفق المتغيرات في أحد العوامل مع المتغيرات في عوامل آخرى.
ج – الدراسات التطورية:
وهي لا تكتفي بدراسة الوضع القائم للظواهر والعلاقات المتبادلة بينها فحسب، بل تتناول أيضاً المتغيرات التي تحدث نتيجة المرور الزمني ومن أهم أنواع الدراسات التطورية الوصفية دراسات للنمو الإنساني التي تجرى بإحدى طريقتين:
1 – الطريقة الطولية: وهي الأكثر قبولاً والأفضل من وجهة النظر العلمية وهنا يتبع الباحث مدى نمو نفسي للأفراد أو الجماعات في أعمار مختلفة أو تواريخ مختلفة، ويعيب هذه الطريقة أنها تستلزم وقتاً طويلاً وتفرغاً وجهداً ونفقات، ومن مميزاتها أنها تمكن من دراسة متغيرات أكثر وتتميز نتائجها بالدقة.
2 – الطريقة المستعرضة:
وهي الطريقة الأسهل والأكثر انتشاراً، لأنها أقل نفقات وتستلزم وقتاً أقل، كما تسمح بدراسة عينة أكبر من عينة الطريقة الطولية.
ثانياً: المنهج الاستبطاني (التأمل الباطني):
وهو يعني التأمل في محتويات الشعور، أي هو ملاحظة الفرد لما يجري في شعوره من خبرات حسية أو عقلية أو انفعالية بهدف وصف هذه الحالات وتحليلها أو تأويلها.
ويستخدم هذا المنهج لعدة أمور:
1 – يعتبر هو الوسيلة الوحيدة لدراسة بعض الظواهر والأحوال النفسية، مثل أحلام النوم واليقظة.
2 – يقوم بدور كبير في المنهج التجريبي عند سؤال المفحوص أن يصف ما يراه وما يسمعه أو يشعر به أو ما يتذكره.
3 – يعتبر هو الأساس عند الاستجابة على الاستفتاءات أو الاختبارات التي تقيس الشخصية.
4 – يعتبر الاستبطان هو الأساس في العلاج النفسي الحديث.
ولكن هناك عيوب لاستخدام هذا المنهج تتمثل فيما يلي:
1 – إن الاستبطان يقوم به شخص واحد، ولا يمكن أن يكون ما يرويه المفحوص خاضعاً للبحث العلمي لأنه لا يمكن التحقق من صحته من خلال الآخرين.
2 – إن عملية الاستبطان تتم لمواضيع مرت بحياة الفرد الماضية وقد لا يكون ما يرويه الفرد بنفس صدق حدوثها لمرور وقت عليها.
ثالثاً: المنهج الإحصائي:
يستخدم الباحث في علم النفس عدد من الأساليب الإحصائية التي تساعده في التوصل إلى النتائج، ومن أهم هذه الأساليب:
1 – مقاييس النزعة المركزية: مثل المتوسط، والوسيط والمنوال.
2 – مقاييس التشتت: مثل الإرباعيات والإعشاريات والميئنيات والانحراف المعياري والمدى.
3 – مقاييس العلاقة ومن أهمها معامل الارتباط.
4 – مقاييس الفروق ومنها اختبار (ت) لدلالة فروق المتوسطات.
5 – تحليل التباين.
6 – التحليل العاملي.
رابعاً: المنهج الإكلينيكي:
هو الخطوات المتبعة للدراسة المركزة على حالة فردية بعينها أي دراسة عميقة للشخصية في بيئاتها وأحوالها العديدة بطرق كثيرة وتمتد الدراسة أيضاً إلى الجماعات الصغيرة.
ومن حيث الأدوات، فإنه يستخدم أدوات خاصة به، مثل المقابلة والملاحظة ودراسة الحالة، ومن حيث الأهداف فهو يستخدم لتحقيق أهداف نظرية وعملية فهو يشخص ويعالج ويضع مبادئ وأسس نظرية.
مسلمات المنهج الإكلينيكي:
هناك ثلاث مسلمات:
1 – التصور الدينامي للشخصية
2 – النظر إلى الشخصية كوحدة كلية حالية
3 – الشخصية وحدة كلية زمنية
معايير المنهج الإكلينيكي:
من أهم معاييره مبدأ التكامل ومبدأ إلتقاء الوقائع.
وسائل المنهج الإكلينيكي:
1 – المقابلة التشخيصية 2 – دراسة الحالة 3 – الملاحظة 4 – الاختبارات السيكولوجية
خامساً: المنهج التجريبي:
هو تغيير متعمد ومضبوط للشروط المحددة لحدث ما وملاحظة التغيرات الناتجة في الحدث ذاته وتفسيرها.
وهناك خطوات للقيام بالدراسة التجريبية كما يلي:
1 – التعرف على المشكلة وتحديدها
2 – صياغة الفروض
3 – تعريف المصطلحات
4 – وضع تصميم تجريبي: ويتضمن جميع النتائج وشروطها وعلاقاتها.
5 – إجراء التجربة
6 – التوصل إلى النتائج
وقد أدى استخدام هذا المنهج في علم النفس إلى جعله من بين مصاف العلوم التجريبية حيث يمتاز بعدة خصائص هي:
1 – الضبط: وهو التحكم في كل العوامل المتغيرة المتداخلة في تلك الظاهرة المراد بحثها ودراستها، تحكماً يستطيع معه المجرب معرفة جميع هذه العوامل وتثبيتها.
2 – العزل: وهو عبارة عن استخلاص العوامل المتغيرة التي يراد دراستها من بين مجموعة العوامل المحيطة بالظاهرة.
3 – القياس: وهو التعبير الكمي عن المتغيرات بغرض تفسيرها ومعرفة تأثيرها في الظاهرة موضع القياس.
تقويم المنهج التجريبي:
يعتبر من أكثر الوسائل كفاية في الوصول إلى معرفة موثوق بها وترجع كفاية هذا المنهج لأسباب أهمها:
1 – يسمح بتكرار التجربة.
2 – يسمح للباحث أن يغير عن قصد وعلى نحو منظم متغيراً معيناً.
3 – يتيح الوصول إلى نتائج تتميز بالموضوعية وإمكانية التعميم.
إلا أن هناك عدد من المحاذير وهي:
1 – كثرة عدد المتغيرات التي تحكم الظاهرة النفسية إلى حد يصعب معه تحديد عددها.
2 – صعوبة الضبط التجريبي للمتغيرات التي تتحكم في الظاهرة النفسية داخل المعامل.
3 – هناك بعض الظواهر النفسية لا يمكن بحثها داخل المعمل كالحب والجريمة.

علم النفس الاجتماعي

علم النفس الاجتماعي (النشأة والتطور):
بدأ علم النفس الاجتماعي كأي علم آخر في أحضان الفلسفة، فلو نظرنا إلى تاريخ هذا العلم لوجدنا أنه يرجع إلى تاريخ الفلسفة اليونانية.
إن أفلاطون هو مؤسس معظم قضايا علم النفس الاجتماعي، وأنه كان ينظر إلى الإنسان كما لو أنه نتاج نموذج اجتماعي ما، وكان يرى أنه بالإمكان تكييف الطبيعة الإنسانية في أي اتجاه عن طريق الاستخدام المناسب للمؤسسات التربوية والاجتماعية.
وكان أرسطو يرى الإنسان كائناً بيولوجياً وكان يفسر سلوك الإنسان على أساس الوراثة الحيوية أي أن الإنسان يخضع في أنماط حياته المختلفة للمؤثرات والاستجابات البيولوجية فالجماعة لديه خاضعة في مكوناتها للسلوك الفردي.
في عام 1908م أصدر ويليام ماكدوجال عالم النفس المشهور كتابه في علم النفس الاجتماعي وقد تعرض فيه أيضاً لدور التقليد في تفسير تشابه السلوك بين أعضاء الجماعة الواحدة ولقد ساعد هذا الكتاب في نمو هذا العلم مساعدة كبيرة، وفي عام 1920م ظهر كتابه الثاني "العقل الجمعي" وأوضح فيه الأسس العامة والخطوط الرئيسية لعلم النفس الاجتماعي ولقد نشأت فكرة هذا العقل الجمعي من اختلاف سلوك الأفراد عن سلوك الجماعة، فقد تجنح الجماعة إلى سلوك عدائي شاذ وقد تثور وهي بسلوكها هذا تختلف عن سلوك كل فرد فيها لو كان بمعزل عنها وعن تأثيرها الجماعي ولقد افترض ماكدوجال وجود عقل جمعي عام يسيطر على سلوك الجماعات ويتميز عن مكوناته الفردية.
يمكن القول بصفة عامة أن ما يميز علم النفس الاجتماعي في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين عما قبله وكذلك عنه في منتصف القرن العشرين هو محاولة تحديد عنصر هام يعتبر مسئولاً عن تحديد النفسية الاجتماعية والفردية بصفة عامة، وكان هذا عند "دوركاين" هو القوة القهرية أو الإجبارية للفكر الجماعي وعند "تارد" تقليد الجماعة للأبطال كشخصيات بارزة ومختارة وعند ليبون روح الوطنية أو العنصرية وعند "وارد" الرغبة أو الأماني وعند "فرويد" الميل الجنسي وعند "سبنسر" التكيف البيولوجي وتنافس الأفراد وعند "وليم جيمس" العادات.
والمرحلة الهامة الثانية في تطور علم النفس الاجتماعي الغربي تشمل الفترة التي تبدأ من عشرينات وثلاثينات هذا القرن حتى وقتنا هذا، وهذه المرحلة يطغى فيها المجال التطبيقي وينحسر مجال النظرية وإذا كانت السمات المميزة لأوائل القرن هي دراسة علم نفس المجموعات الاجتماعية الكبيرة أو دراسة علم نفس القوميات أو الجماهير مثل "تارد وفونت وسيجيل" فإن الفترة الأخيرة تركز على بحث نفسية الجماعات الاجتماعية الصغيرة والتي تقدم لنا أحياناً معطيات خاصة جداً.
مع الانتشار الواسع لمدرسة السلوكيين في أمريكا في الربع الأول من القرن العشرين فإن الاهتمام كله كان مركزاً على سلوك الفرد في الجماعات الاجتماعية غير الكبيرة وعلى سلوك أفراد هذه الجماعات تدريجياً وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية فإن علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعي الغربيين قد خرجوا تماماً من دراسة نفسية القوميات والكتل البشرية إلى دراسة نفسية الجماعات الاجتماعية مما يعكس العلاقة النفس اجتماعية بين الناس ففي أبحاث علماء النفس الاجتماعي في أمريكا مثل بوجاردوس ومورينو وشريف وألبورت فإن الجماعات الصغيرة تمثل منطلق أساس كل الدراسات النفس اجتماعية وهي الموضوع الرئيسي في هذه الدراسات.
ثانياً: تعريف علم النفس الاجتماعي:
هو دراسة الأفراد في صلاتهم البيئية المتبادلة دراسة تهتم بما تحدثه هذه الصلات البيئية من آثار على أفكار الفرد ومشاعره وعاداته وانفعالاته.
علم النفس الاجتماعي عند شريف وشريف هو "الدراسة العلمية لخبرة الفرد وسلوكه في علاقتها بالمواقف الاجتماعية" ويستخدم هذان العالمان في تعريفهما لفظ الخبرة والسلوك معاً وذلك على الرغم من أن الكثيرين من علماء النفس يستخدمون أحدهما دون الآخر وكثيراً ما يقتصرون على استخدام لفظ السلوك.
ويعرف مصطفى فهمي علم النفس الاجتماعي بأنه "العلم الذي يدرس سلوك الفرد في علاقته بالآخرين إذ يستطيع هؤلاء الآخرون أن يحدثوا أثرهم في الفرد إما بشكل فردي أو بشكل جماعي كما يمكنهم أن يؤثروا فيه بصورة مباشرة عن طريق وجودهم في تحاور مباشر مع الفرد أو بصورة غير مباشرة من خلال نماذج السلوك التقليدية أو المتوقعة من الناس والتي تؤثر في الفرد حتى لو كان بمفرده".
ويقدم سارضت ووليامسون تعريفاً لعلم النفس الاجتماعي بأنه "الدراسة العلمية للأفراد بوصفهم أعضاء في جماعات مع تأكيدهما على دراسة العلاقات الشخصية والاجتماعية والتركيز على التفاعل الاجتماعي أي تلك العلاقة بين طرفين (فردين أو جماعتين صغيرتين أو فرد وجماعة صغيرة أو كبيرة) والتي تجعل من سلوك أي منهما سبباً لسلوك الآخر".
وبالنظر لهذه التعريفات يلاحظ أنه على رغم من أن كل منها يركز على جانب أساسي باعتباره بؤرة الاهتمام في مجال علم النفس الاجتماعي فإنها تشترك جميعها في ثلاث عناصر هي:
1 – أن هذا العلم هو دراسة علمية شأن الدراسات في العلوم الأخرى.
2 – أن الموضوع الرئيسي لهذا العلم هو السلوك.
3 – أن المواقف الاجتماعية والمثيرات الاجتماعية المتضمنة منها هي المجال الأساسي الذي يدور فيه ذلك السلوك الذي يهتم علم النفس الاجتماعي بدراسته.
ثالثاً : موضوع علم النفس الاجتماعي:
علم النفس الاجتماعي يدرس الصور المختلفة للتفاعل الاجتماعي أي التأثير المتبادل بين الأفراد بعضهم وبعض وبين الجماعات بعضها وبعض وبين الأفراد والجماعات وبين الكبار والصغار في الأسرة والمدرسة، بين العمال وأصحاب العمل أو بين الرؤساء ومرؤوسيهم، كما يهتم بدراسة صورة التفاعل الاجتماعي من حب وكراهية ومخاوف وتعصب وتعاون وتشجيع وتنافس، كذلك يدرس نتائج هذا التفاعل ومنها تكون الآراء والمعتقدات والاتجاهات والقيم والعادات الاجتماعية.
ومن بين القضايا التي يعنى بها في الوقت الحاضر علماء النفس الاجتماعي:
1 – مفهوم الطبيعة الإنسانية وإلى أي حد تتأثر الشخصية بالوسط الثقافي والاجتماعي الذي تنشأ فيه.
2 – التنشئة الاجتماعية للطفل والطريقة التي تتم بها تربيته ويتحول بموجبها من طفل صغير إلى مراهق فراشد متآلف اجتماعياً.
3 – دراسة المظاهر المرضية للحياة الاجتماعية مثل انحرافات الأحداث، مشكلات الجريمة والإدمان والاغتراب.
4 – المواقف والآراء ويشمل هذا المجال الطرق المختلفة لقياس المواقف ثم البحث عن الآثار المختلفة المترتبة على وسائل الإعلام وأحسن طرق الدعاية واتجاهات الرأي العام.
5 – التفاعل الاجتماعي وكيف يتم داخل الجماعات المختلفة الصغيرة والكبيرة.
6 – القيادة وظائفها وأنواعها والتدريب عليها.
7 – دراسة الميول والاتجاهات وأثرها على السلوك.
8 – دراسة صور العداء بين الجماعات.
رابعاً: علاقة علم النفس الاجتماعي بالعلوم الأخرى:
علاقة علم النفس الاجتماعي بعلم الاجتماع:
إن علم النفس الاجتماعي هو نتاج امتزاج بين علم النفس وعلم الاجتماع ومن هنا تبدو الصلة قوية بين علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي فالعلم الأول يهتم بدراسة الهيكل العام للتنظيمات الاجتماعية من حيث شكلها وهيكلها العام والعناصر المكونة لهذه التنظيمات وحجم الجماعة وتماسكها، في حين أن علم النفس الاجتماعي يقصر دراساته على التفاهم الذي يتم داخل هذه الجماعات وكيف يصبح الفرد متطابقاً اجتماعياً وكيف يمتص الاتجاهات النفسية والاجتماعية السائدة في هذه المجتمعات وكيف يؤثر الفرد بدوره على سلوك أفراد الجماعة التي يعيش فيها فكل من العلمين يهتم بعناصر مختلفة من واقع لا يتجزأ فالأفراد لا يمكن فهمهم بعيداً عن علاقاتهم بعضهم ببعض والعلاقات لا يمكن أن تفهم جيداً بعيداً عن وحدات العلاقة وهكذا تبين لعلماء النفس استحالة إقامة حدود فاصلة تماماً، فما يكادون يقتربون من الحقيقة الإنسانية حتى يجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام المظهر النفسي والاجتماعي معاً.
علاقة علم النفس بعلم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان):
إن الموضوع الرئيسي لهذا العلم هو وصف أشكال السلوك في الحضارات المختلفة، والأنماط المختلفة من السلوك والتفكير والمعاملات التي اصطلحت عليها الجماعة في حياتها والتي تناقلتها الأجيال المتعاقبة عن طريق الاتصال والتفاعل الاجتماعي لا عن طريق الوراثة البيولوجية.
ولقد حدد مصطفى سويف الفائدة التي يمكن أن يجنيها علم النفس الاجتماعي من الاطلاع على الدراسات الخاصة بعلم الأنثروبولوجيا في ثلاث جوانب:
1 – إدخال العنصر الحضاري كمتغير مستقل في تصميم التجارب العلمية.
2 – اعتبار العنصر الحضاري متغيراً مستقلاً في مجموعة من المشاهدات المضبوطة التي يجريها الباحث على عدد من الحضارات باعتبارها تجارب على التاريخ.
3 – التنبيه إلى مشكلة خفية هي كيف يتم نقل العناصر الحضارية أثناء عملية التطبيع.
علاقة علم النفس الاجتماعي بالدراسات الاقتصادية:
الاقتصاد هو الدراسة العلمية لمجموعة من الظواهر الاجتماعية التي تدور مباشرة حول تدبير ثورة المجتمع المادية ومركز الاهتمام في دراسات الاقتصاد ينصب على بعض ظواهر النشاط الإنساني في المستوى الفردي.
إن علم النفس الاجتماعي يفيد من دراسات الاقتصاد في زيادة التبصر بمقومات الموقف الاجتماعي الذي يحيط بالفرد ويتدخل بصورة أو بأخرى في تشكيل تفاعلاته الاجتماعية.
علاقة علم النفس الاجتماعي بعلم النفس العام:
هدف علم النفس العام هو اكتشاف قوانين السلوك التي لا تتأثر بالفروق في التنشئة الاجتماعية مثل القوانين الأساسية في الدافعية والإدراك والتعلم والتذكر والتفكير والتي تصدق على كل البشر بصرف النظر عن البيئة الاجتماعية أو الثقافية التي يعيشون فيها أي ينظر إلى الفرد مجرداً.
وحيث أن علم النفس الاجتماعي يعالج سلوك الفرد بالنسبة للمثيرات الاجتماعية فإننا نجد أن ما هو غير هام بالنسبة لعلم النفس العام يصبح هاماً جداً بالنسبة لعلم النفس الاجتماعي الذي يدرس السلوك الإنساني في المواقف الاجتماعية.
وعلى ذلك فعلم النفس الاجتماعي مكمل ضروري لعلم النفس العام وأن الإطلاع على دراسات علم النفس العام من شأنه أن يذكرنا بأهمية عوامل البيئة الفيزيقية في بعض مواقف الحياة الإنسانية وهذا من شأنه أن يساعدنا على وضع العوامل الاجتماعية المؤثرة في السلوك في موضعها الصحيح دون مغالاة في أهميتها.
علاقة علم النفس الاجتماعي بعلم النفس الفسيولوجي:
تشير الدراسات التي تناولت الشخصية من ناحية العوامل التي تساهم في إكسابها سمات سلوكية معينة إلى ضرورة الاهتمام بالدور الذي تعلبه الغدد الصماء وما تفرزه من هرمونات بصورة مباشرة في الدم وحيث تساهم في تحقيق التكامل الوظيفي بين أعضاء الجسم المتباعدة، كما أنها تؤثر على سمات الشخصية، على سبيل المثال فإن هرمون الغدة الدرقية الذي يؤدي انخفاض نسبته في الدم إلى تغيرات في الصورة العامة للشخص فيصبح من الناحية العقلية كثير النسيان وتقل قدرته على تركيز الانتباه وبفقدان القدرة على حل المشكلات.
والواقع أن الكثيرين يبالغون في الدور الذي تقوم به الاضطرابات الفسيولوجية في حياتنا بنفس القدر الذي يبالغ فيه البعض بدور العوامل الاجتماعية في حياتنا والصواب هو النظر إلى تلك العوامل في إطار تفاعلي بمعنى أن هناك تفاعلاً بين العوامل الاجتماعية وبين الحياة العضوية للفرد وأن السلوك هو محصلة التفاعل بينهما.
علاقة علم النفس الاجتماعي بعلم نفس النمو:
يهدف علم نفس النمو إلى دراسة تطور سلوك الفرد في مراحل عمره المختلفة ابتداء من المرحلة الجنينية مروراً بمرحلة الطفولة فالمراهقة فالرشد حتى الكهولة والشيخوخة ويحاول الباحث المختص في هذا الفرع من فروع علم النفس دراسة الأشكال التي تتشكل بها مظاهر السلوك المختلفة في كل مرحلة عمرية وكيف تنشأ هذه الأشكال بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه العوامل المختلفة من بيئة ووراثة ونضج في تحديد هذه الأشكال.
وتدل الدراسات التي تمت في مجال علم نفس النمو على أن تأثير البيئة بما له وما عليه محدود بمستوى النضج ويظهر تأثير البيئة الاجتماعية بوضوح في دراسات النشاط اللغوي ولم تقتصر إفادة علم النفس الاجتماعي من دراسات علم النفس النمو حول الحدود التي ينبغي أن يلتزموا بها بل في دراسات التنشئة الاجتماعية وهو من أهم موضوعات علم النفس الاجتماعي إن لم يكن أهمها.
علاقة علم النفس الاجتماعي بالصحة النفسية:
أصبح مفهوم الصحة النفسية مرتبطاً ارتباطاً كبيراً بالقدرة على التكيف مع نفسه ومع ظروفه التي يحيا فيها وتشمل هذه الظروف النواحي المادية والنواحي الاجتماعية ومن هنا فإن العلاقة بين العلمين قائمة طالما أن قدرة الفرد على التكيف والتي تعتبر الأساس الأول للصحة النفسية تعتمد اعتماداً كبيراً على ظروف الإنسان الاجتماعية وقد أدى هذا الوضوح في تأثير الجانب الاجتماعي على شخصية الفرد إلى ظهور النظرة الاجتماعية النفسية الجديدة في الشخصية على يد أدلر وهورني وفروم وسوليفان ورغم أن هؤلاء جميعاً من أتباع فرويد إلا أنهم قدموا هذه النظرة الجديدة احتجاجاً على قصور مفهوم فرويد عن دور الظروف الاجتماعية في نمو الشخصية الإنسانية بل أن سوليفان يكاد يطابق بين علم النفس الاجتماعي وعلم الطب النفسي العام إذ يرى أن الأخير يقوم أساساً على العلاقات الشخصية المتبادلة.
ودراسة أسباب الأمراض النفسية يكشف بوضوح الدور الذي تعلبه العوامل الاجتماعية، ودراسة أعراض الأمراض النفسية تظهر خطورة الأعراض الاجتماعية، ويعتمد التشخيص على دراسة الجوانب الاجتماعية والسلوك الاجتماعي للمريض والعلاج النفسي يتضمن العلاج الاجتماعي والعلاج الجمعي.