Adsense

الخميس، 24 سبتمبر 2015

نظريات الضبط الاجتماعي

نظريات الضبط الاجتماعي

اختلفت أفكار العلماء والباحثين حول مفهوم الضبط الاجتماعي وما ينضوي عليه ، وتعددت تعريفاتهم لمصطلح الضبط الاجتماعي ، وتبعاً لذلك ظهرت عدة نظريات في مجال الضبط الاجتماعي ، كل نظرية تفسر وجهة نظر صاحبها وفكرته عن الضبط الاجتماعي .
وفيما يلي عرض موجز لأهم نظريات الضبط الاجتماعي الغربية القديمة والحديثة .

1- نظرية تطور وسائل الضبط الاجتماعي ( روس Ross ) :
تقوم هذه النظرية على أساس الطبيعة الخيرة للإنسان ، إذ يعتقد روس أن داخل النفس الإنسانية أربع غرائز هي : المشاركة أو التعاطف ، القابلية للاجتماع ، الإحساس بالعدالة ، ورد الفعل الفردي . تشكل هذه الغرائز نظاماً اجتماعياً للإنسان يقوم على تبادل العلاقات بين أفراد المجتمع بشكل ودي ( السالم ، 2000) . وكلما تطور المجتمع ضعفت تلك الغرائز وظهرت سيطرة المصلحة الذاتية عليه ، وهنا يضطر لمجتمع لوضع ضوابط مصطنعة تحكم العلاقات بين أفراده ( الحامد والرومي ، 2001) وتزداد تلك الضوابط وتتطور كلما ازداد تحضر المجتمع ، وتعقدت أنظمته ، وتباينت جماعاته . أي أن هناك مجموعة أسباب أوجدت الحاجة إلى الضبط الاجتماعي وتطور وسائله وهي /
1- زيادة حجم السكان وظهور طوائف وعشائر جديدة .
2- ضعف الغرائز الطبيعية ، وظهور الأنانية الفردية .
3- ظهور جماعات متباينة ( اقتصادياً أو عنصرياً أو طبقياً أو ثقافياً ... ) في المجتمع الواحد .

2- نظرية الضوابط التلقائية ( سمنر Sumner ) :
تنصب الفكرة الأساسية لنظرية سمنر على أن الصفة الرئيسة للواقع الاجتماعي تعرض نفسها بطريقة واضحة في تنظيم السلوك عن طريق العادات الشعبية ، إذ أنها تعمل على ضبط التفاعل الاجتماعي ، وهي ليست من خلق الإرادة الإنسانية  . فهو يقول في كتابه " الطرائق الشعبية " : « إن الطرائق الشعبية عبارة عن عادات المجتمع وأعرافه ، وطالما أنها محتفظة بفاعليتها فهي تحكم بالضرورة السلوك الاجتماعي ، وبالتالي تصبح ضرورية لنجاح الأجيال المتعاقبة » فالأعراف عند سمنر لها أهمية بالغة ، فهي التي تحكم النظم والقوانين وهو يرى أنه لا يوجد حد فاصل بين الأعراف والقوانين ، والفرق بينهما يكمن في الجزاءات ، حيث أن الجزاءات القانونية أكثر عقلانية وتنظيماً من الجزاءات العرفية .

3- نظرية الضبط الذاتي ( كولي Cooley ) :
ينظر كولي للمجتمع على أساس أنه كل لا يتجزأ يعتمد في تنظيمه الاجتماعي على الرمز والأنماط والمستويات الجمعية والقيم والمثل ، فهو يرى أن الضبط الاجتماعي هو تلك العملية المستمرة التي تكمن في الخلق الذاتي للمجتمع ، أي أنه ضبط ذاتي يقوم به المجتمع ، فالمجتمع هو الذي يضبط ، وهو الذي ينضبط في نفس الوقت . وبناءً عليه فالأفراد ليسوا منعزلين عن العقل الاجتماعي . والضبط الاجتماعي يُفرض على الكل الاجتماعي وبواسطته ، وهو يظهر في المجتمعات الشاملة والجماعات الخاصة
4- النظرية البنائية الوظيفية ( لانديز Landis ) :
يركز لانديز على مكونات البناء الاجتماعي ودورها في الضبط الاجتماعي ، كما يركز على مفهوم التوازن الوظيفي بين النظم الاجتماعية وعلاقة هذه النظم بالضبط الاجتماعي . ويصور لانديز النظم الاجتماعية على شكل خط متصل نظري ، يمثل أحد طرفيه التفكك الاجتماعي الذي يتسم بالفوضوية والنزعات الفردية ، بنما يمثل الطرف الآخر التنظيم الاجتماعي الأكثر صرامة والذي يتميز بالاعتماد على السلطة المطلقة ، وبينهما توجد منطقة تسامح واسعة مشاكل الحاضر ويمده بالوسائل والأساليب اللازمة لذلك "
5- النظرية الثقافية التكاملية ( جيروفيتش Gurvitch ) :
يركز جيروفيتش على ضرورة دراسة الضبط الاجتماعي على أسس وشروط تتمثل في :
1- أن الضبط الاجتماعي ليس نتيجة لتطور المجتمع وتقدمه ، بل أنه كان موجوداً في المراحل المبكرة من تاريخ المجتمعات الإنسانية ، إذ يستحيل تصور مجتمع بلا ضوابط .
2- أن الضبط الاجتماعي واقع اجتماعي وليس أداةً للتقدم .
3- عدم وجود صراع بين المجتمع والأفراد .
4- أن كل نمط من أنماط المجتمعات هو عبارة عن عالم صغير يتألف من جماعات ، ولذا فإن مؤسسات الضبط الاجتماعي تختلف باختلاف الجماعات والمؤسسات. ويذهب جيروفيتش إلى أن الضبط الاجتماعي إما أن يكون ضبطاً منظماً ، أو ضبطاً عن طريق الممارسات الثقافية والرموز كالعادات والتقاليد ، أو ضبطاً تلقائياً من خلال القيم والأفكار والمثل ، أو ضبطاً أكثر تلقائية من خلال الخبرة الجمعية المباشرة
تلك كانت أهم النظريات في الضبط الاجتماعي ، ويتضح مدى التباين والاختلاف في نظرة علماء الاجتماع إلى طبيعة الضبط الاجتماعي ، فقد اهتم روس بالغرائز الإنسانية ودورها الإيجابي والسلبي في الضبط الذاتي ، في حين ركز سمنر على الأعراف والتقاليد ، واعتبرها الوسيلة الوحيدة والضابطة للمجتمع ، بينما أبرز كولي دور المثل والقيم في تحقيق الضبط الذاتي فضبط الجماعة ينبع من ضبط الفرد لذاته . أما لانديز فقد اهتم بالنظم الاجتماعية باعتبارها أدوات الضبط الاجتماعي ، ووضع جيروفيتش شروطاً ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند دراسة الضبط الاجتماعي .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق