Adsense

الجمعة، 25 سبتمبر 2015

المذاكرة الناجحة

تتكون المذاكرة الناجحة من ثلاثة أقسام هم:
1. الفهم 2. الحفظ 3. الاستذكار.
يؤدي الاختلال في كل قسم من الأقسام المذكورة إلى فشل المذاكرة أو قلة فائدتها. وإذا أردنا إن نلتزم بالمراحل الثلاث في المذاكرة النافعة ونحصل على النتائج المرجوة علينا أن نستعين بالسبل العلمية المُعدّة لذلك.
إن الخطوة الأولى في أي عمل نريد النجاح فيه هي [الرغبة والدافع] إلى ذلك العمل. ولا يكفي الذكاء ولو كان خارقاً إلى تحقيق النجاح في حال عدم وجود دافع ومشوق لذلك العمل.
إن الخطوة الثانية هي إتخاز أسلوب علمي محدد
يساعد هذا الأسلوب في المذاكرة إلى فهم المادة بصورة جيدة وحفظ المفاهيم والنقاط المهمة. إن الاسم الاختصاري لهذا الأسلوب في المذاكرة هو [P.Q.R.S.T] الذي يعبر عن الحروف الأولى لكل من المراحل الخمسة في المذاكرة النافعة، أي: مرحلة النظرة السريعة [Preview] ،
ومرحلة إعداد الأسئلة [Question]،
ومرحلة القراءة [Reading]،
ومرحلة الاستذكار [Self- recitation]،
ومرحلة الاختبار [Test].
1. مرحلة النظرة السريعة:
في هذه المرحلة من المذاكرة نذاكر عناوين الفصول فقط (تنشيط الذهن )
2. ومرحلة إعداد الأسئلة [Question]،
ونقصد من إعداد الأسئلة أثناء المذاكرة وبعدها, ويساعد إعداد الأسئلة بعد الفراغ من مرحلة النظرة السريعة إلى تفعيل نشاط ذهن المذاكر وتقوية الدافع للاستمرار في المذاكرة.
3. مرحلة المذاكرة المفصلة:
في هذه المرحلة نذاكر بصورة دقيقة ونجيب على الأسئلة التي اشتعلت في الذهن في المرحلة الثانية ونتأمل في المطالب التي نذاكرها ونسعى إلى إيجاد صلة بينها وبين معلوماتنا المسبقة عن الموضوع.
يستحسن في هذه المرحلة من المذاكرة الالتفات إلى النقاط التالية:
ـ سرعة المذاكرة: إن المذاكرة البطيئة تتعب الذهن وتقلل من رغبة الشخص إلى المذاكرة. ولذا ينبغي تنظيم سرعة المذاكرة.
ـ جهّز كل ما يمكن أن تحتاجه: ضع على الطاولة التي تذاكر عليها أقلام وأوراق لتلخيص المادة كي لا تضطر إلى قطع المذاكرة
- بإمكانك إن تقيد الأسئلة التي تتبادر إلى ذهنك عند المذاكرة والنقاط المهمة على ورقة مستقلة أو تضع عليها علامة في الكتاب، شرط إن لا تتجاوز العلامات نسبة 10% إلى 15%
4. مرحلة المراجعة:
حاول إن تستذكر النقاط المهمة بعد قراءة كل قسم واحرص على تكرارها الى حين حفظها. وبإمكانك إن تراجع المفاهيم التي تلقيتها بصوت عالي وإذا لم تستطع ذلك بسبب حضور الآخرين كررها وأنت تحرك شفاك. كما تستطيع مراجعة النقاط المهمة من كل فصل من خلال توجيه البصر إلى الخلاصة في حال تعذرت المراجعة بصوت عال.
5. مرحلة الاختبار:
حاول إن تجيب في هذه المرحلة من المذاكرة على الأسئلة التي أعددتها في المرحلة الثانية والاهم من ذلك هو البحث عن الصلة بين ما قرأته وتريد قراءته. فمن الممكن إن تضطر في مرحلة الاختبار إلى تصفح صفحات الفصل مرة ثانية كي تطمئن من صحة المواضيع والمفاهيم المهمة التي نقشت في ذهنك من خلال المذاكرة.
* لا ترجئوا مرحلة الاختبار إلى ليلة الاختبار المدرسي. ينبغي مراجعة الخلاصة بعد المذاكرة بصورة مباشرة.
*** ينبغي الانتباه إلى النقاط التالية:
1ـ امزح مع الكتاب!
حاول إن ترسم في ذهنك صورة مريحة وإيجابية عن المذاكرة.
2ـ إعادة صياغة العبارات بصورة سلسة:
إن إعادة صياغة العبارات تُعين الشخص على حفظ واستذكار النقاط المهمة بشكل أفضل.
3ـ ضع نصب عينيك هدفك النهائي من المذاكرة:
بمجرد التركيز على النجاح النهائي عند المذاكرة تستطيع إن تذاكر براحة بال وتستمتع بالمذاكرة.
4ـ التعلم التدريجي:
كلما كان وقت المذاكرة قصيراً كلما كانت النتائج الحاصلة أفضل
5ـ كن مركزاً على برنامجك اليومي:
بعد البرمجة للمذاكرة شدّ ذهنك إلى برنامج نفس اليوم لان في كثير من الأوقات يؤدي التفكير في برنامج الأيام القادمة وحجم المواد الكبير الذي ينبغي مذاكرتها إلى الإحباط واليأس.
6ـ الوضوح في الهدف:
إن تعيين الهدف من وراء المذاكرة عامل مهم في شدّ الحواس إلى
المذاكرة

بالتوفيق

شمول الضوابط الإسلامية وقصور الضوابط الوضعية


شمول الضوابط الإسلامية وقصور الضوابط الوضعية :
يدعي أعداء الإسلام أن في تطبيق الحدود قسوة لا تتفق مع حقوق الإنسان ، ولا مع التطور الحضاري في هذا الزمان ، وهم ينادون باستبدال تلك الحدود بقوانين وضعية بحجة أن الحدود وضعت لزمان غير زماننا ،ولكننا نرد بقوله تعالى : ﴿ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ﴾ (المائدة:49) .
فالله أنزل الشريعة الإسلامية لتلائم كل زمان ومكان ، وحدود الله التي فرضها إنما تناسب طبيعة النفوس الضعيفة التي جبلت على الخوف من العقوبة الحاضرة الظاهرة بشكل أشد وأردع من الخوف من عقوبة الآخرة ، وعليه فإن الأثر الاجتماعي للحدود لا يقف عند مرتكب الجريمة وحده وإنما يتعداه إلى غيره ، فلو طبق الحد على زانٍ أو سارق أو شارب خمر جهاراً أمام الناس في مجتمع تنتشر فيه هذه الآثام ، كان في ذلك أكبر وازع وأقوى عامل من عوامل الحد من تلك المشكلات الاجتماعية الأخلاقية ، والبعد عن ارتكابها والتفكير ألف مرة قبل التردي في مستنقعاتها . وهكذا تبرز حكمة الإسلام ونظرته العميقة للمجتمع ، حيث جعل الحدود جزاءً رادعاً لجرائم خطيرة تمس أمن المجتمع ، وجعل القصاص مساواة تامة بين الجرم والعقوبة ، أما التعزير فقد جعله أمراً متروكاً لاجتهاد العالم المسلم فيراعي طبيعة المجرم والجريمة  : " ادرءوا الحدود بالشبهات " للرد على كل
rوالظروف المحيطة . ويكفي قوله  لسان يعادي الإسلام وشريعته ، فهذا الحديث يدل على السماحة المتأصلة في الشريعة الإسلامية ، والتسامح والتعاطف البالغ مع أبنائها ( إسماعيل ، ) .
إن الإسلام حين وضع ضوابط اجتماعية ، لم يهمل احتياجات الفرد وخصائص طبيعته البشرية ، فجاءت الضوابط الإسلامية مرنة ملائمة لكل عصر وكل حالة إنسانية ، ولنأخذ مثلاً ضوابط الزواج والطلاق في الإسلام :
دعا الإسلام إلى الزواج وتكوين أسرة لما في ذلك من دعم للمجتمع المسلم وحفظ لكيانه ، ولما للزواج من فوائد عديدة للفرد والجماعة ﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ﴾ (الروم:21) . وأباح الإسلام للرجل الزواج بأكثر من امرأة إذا دعت الحاجة لذلك بشرط العدل بين الزوجات ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ﴾ (النساء:3) وأبغض الإسلام الطلاق ونفر المسلمين منه ودعا إلى الإصلاح بين الزوجين بشتى الوسائل ، ولكنه مع ذلك لم يحرمه ، بل يصبح الطلاق ضرورة إذا تأزمت الحياة الزوجية واستحالت العشرة بين الزوجين ، حينئذٍ يكون الطلاق حلاً مطلوباً ومخرجاً من حياة لا تطاق ، مع الاحتفاظ بحقوق الزوجة وحسن المعاملة حتى بعد الطلاق ﴿ فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾ (البقرة:299) . وهنا تظهر سماحة الإسلام في عدم الضغط على أفراده ، بل مراعاة ظروفهم إلى أقصى حد ، كما يظهر الفرق بين الإسلام والقوانين الوضعية الغربية التي تمنع الزواج بأكثر من واحدة ، كما تمنع الطلاق بين الزوجين بأي حال من الأحوال ، وبنظرة سريعة إلى مظاهر الانحراف والشذوذ وسوء الأخلاق بين الزوجين وانتشار الخيانة الزوجية والتفكك الأسري القائم في الأسر الغربية ، يتضح لنا مدى تسامح الإسلام ومرونة ضوابطه الاجتماعية .
إن الضوابط الاجتماعية والأخلاقية والدينية في الإسلام صادرة من نبع واحد أصيل ، ومصدر ثابت لا يتغير ولا يعرف الزلل أو الخطأ ، ومن ثم لا يقع المسلم بين ضغوط الاختلافات التي تقوم في المجتمعات الأخرى ، والتي تتعارض فيها الفضائل الاجتماعية الضابطة لسلوك أفرادها ، فالمؤسسات الاجتماعية تفرض ضوابط ، والمؤسسات الدينية تفرض ضوابط أخرى ، وهناك من ينادي بحرية الفرد في أخلاقياته وعدم الخضوع لأي ضوابط إلا ما يراه هو مناسباً . وهنا أصبح الناس منقسمين ، ويعيش الفرد فيهم بأكثر من شخصية ، ولذا شاع عندهم الأمراض النفسية كالفصام وعمليات الانتحار . ولنضرب مثلاً على حالة التناقض التي يعيشون فيها : في بريطانيا هناك أستاذ فقه القانون الأستاذ هارت ينادي في كتابه "القانون والحرية والفضيلة " بضرورة الحفاظ على حق الفرد أن يفعل ما يريد ما دام عمله لا يترتب عليه ضرراً للآخرين ولو كان فعله جريمة أخلاقية ، بينما على الطرف الآخر ينادي كبير قضاة بريطانيا لورد دفلن في كتابه " ضرورة فرض الفضيلة على الناس " بضرورة فرض الفضائل على الناس أرادوا أو لم يريدوا . وثار الجدل حول هذه الآراء ، ولم يزل ثائراً ، وسيظل كذلك ما دام القانون المنظم للمجتمع من وضع الناس لا من وضع العلي العظيم خالق الناس
ويشهد المنصفون منهم على قصور قوانينهم وكمال إسلامنا حيث يتناول كتاب (القادة الدينيين Religions Leaders ) لمؤلفيه "هنري ودانالي توماس" ثلاثة أنبياء : موسى وعيسى ومحمد (عليهم الصلاة والسلام) وغيرهم من الأئمة والمصلحين في كافة الديانات والمذاهب . فذكر عند حديثه عن الرسول عليه الصلاة والسلام : « إن القرآن واضح في منهج السلوك الذي يتطلبه من المسلم فإن واجبه الأول أن يرتفع غاية الارتفاع . وقد عمل على إدماج النزاع بين الأفراد والقبائل في أخوة إسلامية ، وتوسل إلى تحقيق هذه الأخوة بتعليم كل رجل وكل امرأة وكل طفل منهجه الكامل من السلوك المستقيم ، فجاء بتحريم الخمر والميسر والخداع والأثرة والقسوة على أي وجه من الوجوه ، وألهم المسلمين أن يفرقوا بين حدود العبادة ، وحدود الأخلاق والنيات ، فليس البر أن يولوا وجوههم قبل المشرق والمغرب ، وإنما البر في الإيمان والإحسان ، وعلى المسلم أن يدفع عن نفسه ، وأن يقاتل من يقاتلـه ، ولكنه لا يعتـدي لأن الله لا يحب المعتدين »
" إن الإسلام هو الكفيل بتحقيق أمل الإنسان في الأمن والرخاء والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص والمشاركة الواعية البناءة في صنع واقعه وتنمية مجتمعه اقتصادياً واجتماعياً، وتخليصه من كل ألوان القلق والصراع والحقد والزيف الذي تعاني منه المجتمعات غير الإسلامية "  . وبذلك تقر الدكتورة لورا فاجليزي في كتابها ( تفسير الإسلام ) : « بينما كان الناس يعانون قبلاً من الفوارق الاجتماعية ، أعلن الإسلام المساواة بين البشر ، ولم يصبح للمسلم امتياز على مسلم بأصله ، أو بأي عامل آخر لا يتعلق بشخصه ، وإنما الميزة خشية الله ، والعمل الصالح ، والقيم الخلقية »
إن الإسلام هو المصدر الأصيل لجميع الضوابط الاجتماعية ، وفيه تنبثق جميع آدابنا وأخلاقنا ، وعن طريقه نكتسب سلوكياتنا ، فالإسلام لم يترك صغيرة ولا كبيرة في حياة المجتمع إلا بينها ووضحها ورسم طريقها وضوابطها ، وحيث يكون الإسلام هو أساس القيم ومصدر التشريع ، وتكون تعاليمه هي بذاتها قواعد التربية التي ينبثق منها ما يعرف بالرأي العام والعرف والتقاليد ، هذا المجتمع لا يحتاج إلى تعدد مصادر الضبط الاجتماعي ، فالمصدر واحد حق هو شرعة الإسلام ، ويمكن اعتبار المصادر الأخرى هي مظاهر تتعدد تعدد ألوان الطيف الذي يصدر من نور واحد أصيل


الإسلام منهج اجتماعي متكامل


الإسلام منهج اجتماعي متكامل

يعتبر الدين الإسلامي منهجاً في الحياة تتبعه كل جماعة ويرتضيه كل مجتمع ، فهو يهذب النفوس الإنسانية ، ويوجه الحياة وجهة الحق والخير كما أنه ضرورة من ضرورات الإنسانية ، لا تغني عنه فكرة عقلية ولا تنظيم وضعي فقد اشتمل القرآن على الأصول العامة والقواعد الكلية كضوابط منظمة لشئون المجتمع ، وهذه الأصول والقواعد ثابتة لا تختلف باختلاف المكان والزمان ، أما التفصيلات الجزئية والتطبيقات العملية ( أساليب تطبيق هذه القواعد ) هي أشياء نسبية . لذا فالتشريع الإسلامي يتلاءم دائماً مع ظروف البيئة الاجتماعية لما يتميز من مرونة وقابلية للتطور والتوافق .
وإذا كان الالتزام الديني يحقق وظيفة النظام والضبط الاجتماعي ، فليس معنى هذا أنه عنصر أو سلاح تستخدمه الطبقة الحاكمة لإخضاع المحكومين في كل زمان ومكان ، فالدين الإسلامي الحنيف يحقق وظيفة الضبط والنظام والعدالة والمساواة ، ويقيم مجتمعاً متكاملاً متكافلاً من خلال معايير ومبادئ يلتزم بها الحاكم والمحكوم معاً في اتساق معجز.
ومنذ العصور الأولى للإسلام كانت السلطة الدينية والمدنية تتمثل في شخص واحد هو أمير المؤمنين ، فهو إمامهم وحاكمهم العادل والمسئول عن مصالحهم الدينية والدنيوية ، والحكم والإمارة في الإسلام هي تكليف وليس تشريف ، فالحاكم يقوم بدور كبير في تصريف شئون الرعية والرعاية على مصالحهم ، ومن ذلك المحافظة على الضوابط في المجتمع الإسلامي . ويبرز ذلك في وصف الحسن البصري للإمام العادل عندما طلب منه ذلك عمر بن عبد العزيز ، فكان مما ذكره له : « الإمام العدل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده ، يسمع كلام الله ويسمعهم ، وينظر إلى الله ويريهم ، وينقاد إلى الله ويقودهم ، واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزع بها عن الخبائث والفواحش ، فكيف إذا أتاها من يليها ، وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده ، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم »
" فالإسلام فكرة جامعة ، فهو دين ودولة ، دنيا وآخرة ، حكم وسياسة ، اقتصاد واجتماع ، الأمر فيه شورى ، والإمامة العظمى بيعة واختيار ، والمسلمون أخوة متساوون "
ويتميز الضبط الاجتماعي في الإسلام بخصائص تميزه عن غيره من الضوابط ، فالتشريع الإسلامي يستمد سلطته من الله سبحانه ، ويعتمد في ضوابطه على وازع الضمير الذي يعمل كموجه للإنسان في تصرفاته ، فيكون الضمير على يقظة في جميع الأوقات بأنه مراقب إلهياً في السر والعلن . فالضمير الحي خير عاصم من الزلل وقوة كبيرة لحفز الإنسان على العمل ، وتربية ضمير الإنسان التي حرص عليها الإسلام هي تربية لإرادته بحيث يصبح متحكماً في جميع أعماله وليس عبداً لنزواته وشهواته  . والإيمان تربية ذاتية ، تبدأ من تغيير الإنسان لذاته وتنتهي إلى أفراد المجتمع عامة ، فالتغير يبدأ من سلوك الإنسان ، والنفس الإنسانية قاعدة التغيير ومحوره ، وهذا هو السر وراء المكانة العظيمة للعقيدة في الإسلام ﴿ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا  لمن جاءه سائلاً عن
rما بأنفسهم ﴾ (الرعد:11) . ومن تربية الضمير قوله  تعريف البر والإثم : " استفت نفسك ، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك " .
" كل هذه المبادئ الإسلامية تنبئ عن متانة البناء الاجتماعي وقوة أركانه وصلاحيته للرجوع إليه والاحتكام له في كل زمان ومكان بين جميع الناس "

دور الدين في ضبط المجتمعات


دور الدين في ضبط المجتمعات

احتل الدين مكانة كبيرة في المجتمعات منذ القدم ، ولاحظنا الدور الذي يقوم به الدين في ضبط المجتمع عند استعراضنا لأساليب الضبط الاجتماعي في الفصل السابق ، حيث " كان الدين منذ القدم هو المصدر المتجدد للأخلاق والقيم ، وهو التنظيم الاجتماعي الوحيد الذي يسود الحياة الاجتماعية وينسقها . " ويرى العلامة ابن خلدون أن ضبط النفس إما أن يكون خارجياً يتحقق عن طريق القانون ، وإما داخلياً يتحقق عن طريق الدين والشريعة ، وإما أن يكون ضبطاً اختيارياً يأتي عن طريق الضمير " . والمجتمع لا يترابط ولا يتماسك إلا بفضل الدين ، كما لا يوجد المجتمع أصلاً إلا على أساس الإيمان الجمعي .
ويشير إيريك فروم في كتابيه ( المجتمع السليم ) و ( الخوف من الحرية ) إلى أن نسبة الاضطرابات النفسية والعصبية تزداد في المجتمعات الحضرية الحديثة ، حيث تضعف المشاعر الدينية ، وحيث يزداد الإحساس بالفردية والغربة والصراع ، وحيث يزداد القلق والتوتر  ، ولا يخفى ما تسببه تلك الاضطرابات من سلوكيات مرفوضة وتهديد لاستقرار تلك المجتمعات وأمنها .
وفي دراسة أجراها دوركايم عن ظاهرة الانتحار بعد أن ارتفعت نسبته في المجتمعات البروتستانتية عن المجتمعات الكاثوليكية ، تبين أن السبب في هذه الزيادة هو أن المذهب البروتستانتي يؤمن أصلاً بحرية الفكر ، ويؤكد الفردية ويدعم روحها ، ولا يؤمن بمظاهر الشعائر مما أدى إلى قلتها ، بعكس المذهب الكاثوليكي الذي يؤمن بروح المحافظة والتمسك بمظاهر التقاليد والشعائر . ومن هنا أدى تحديد المعتقدات والسلوك البروتستانتي إلى ضعف واضح في درجة الالتحام والتماسك الاجتماعي ؛ مما هدم روح المحافظة والتضامن الاجتماعي فظهرت بوادر التفكك والتخلخل واضحة بين الفرد ومجتمعه
وقد ذهب دوركايم إلى أن أقدم ديانة إنسانية هي عبادة المجتمع لنفسه ، ويعتقد أن أول ما انبثق عن عبادة المجتمع لنفسه هو نظام التحريم الذي يعتبر الأساس في الضبط الاجتماعي الذي يعتمد على أساس خلقي وديني في آن واحد  .
ونظراً لأهمية الدين وقوته كوسيلة للضبط الاجتماعي ، فقد وضعه دوركايم على قمة النظم الاجتماعية ، فالدين بتعاليمه وأوامره ونواهيه يعتبر من أقوى عوامل تحقيق التوافق في السلوك الاجتماعي ، كما أن فكرة الثواب والعقاب التي تؤلف ركناً هاماً في الدين ، تلعب دوراً هاماً في عملية الضبط الاجتماعي وفي إقرار النظام في المجتمع .
" ومن هنا تبدو أهمية الدين في الحياة الاجتماعية ، لأنه يسد حاجة من حاجاته الضرورية ، بفضل وضع القواعد والقوانين التي تنظم علاقات الأفراد وتعمل على التماسك الاجتماعي ، واستقرار النظام والاطمئنان النفسي والسمو بالمشاعر الذاتية كلما زاد تعلق الأفراد بالقوى والرموز الغيبية " 



موقف الإسلام من الضبط الاجتماعي :
الدين هو " وضع إلهي سائغ لذوي العقول السليمة باختيارهم إلى الصلاح في الحال والفلاح في المآل " والدين الذي ارتضاه الله لعباده هو الدين الإسلامي﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾(آل عمران:19) " فالإسلام منهاج للحياة وطراز خاص للتفكير والعمل ، وهو يعني طاعة الإنسان لربه وإسلام وجهه إليه ، وأن يقبل المسلم المنهاج الفكري والعملي الذي أنزله الله لهداية البشر ، ويتبعه منقاداً له منسلخاً من الفوضى الفكرية والعملية ".
ويعني الضبط الاجتماعي في المجتمع المسلم الامتثال للقواعد والمعايير والقيم الإسلامية التي تحصل بها تقوى الله ، وما مجموعة الأعراف والتقاليد والقيم الاجتماعية وطرائق التربية التي تنشأ في المجتمع الإسلامي إلا أساليب ضابطة ، فإذا كانت في حدود تعاليم الإسلام ومتفقة معه فهي مقبولة والامتثال لها يدعم التماسك الاجتماعي ، أما إذا خالفت قواعد شرعية فيجب نبذها واستبدالها بما يتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي.
إن مفهوم الضبط الاجتماعي من منظور إسلامي يتضح في إدراك أن الإنسان لم يخلق في هذه الحياة عبثاً ، وإنما جاء للقيام بمهمة تتمثل في العبادة الخالصة لله وحده وخلافة الأرض وعمارتها ، وهذا يقتضي أن يلتزم الإنسان بالضوابط المحددة لسلوكه والتي تضمن له ولمجتمعه الخير والسعادة وتحفظهم من الشرور وتحقق لهم الأمن والاستقرار وتقيهم من الانحراف والفوضى .
ويتدرج الضبط الاجتماعي في الإسلام بدءاً من الانضباط الذاتي للمسلم الذي  : "
rيراقب تصرفاته ويحسن سلوكه انطلاقاً من حقيقة ثابتة أقرها قول الرسول  أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " 
وخضوع الفرد للنظام الإسلامي بمجرد انتمائه للإسلام يفرض عليه تنفيذ أوامره واجتناب نواهيه في السر والعلن ليس خوفاً من السلطة ولا نفاقاً للمجتمع ، وإنما حباً في هذا النظام وإيماناً واقتناعاً بمبادئه ، وهذا بدوره يزيد من طاقة الفرد وشعوره بالانتماء للجمـاعة
وينطوي الضبط الاجتماعي في الإسلام على معنى الطاعة والامتثال لأمر الله تعالى ، والطاعة قد تكون فردية أو اجتماعية . والمراد بالطاعة الفردية كل ما يقوم به الإنسان بإرادته الشخصية امتثالاً لأحكام الله المتعلقة بحياة الإنسان ذاته ، قال تعالى ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ﴾ (الأحزاب:36) . والطاعة الاجتماعية هي امتثال أفراد المجتمع للأحكام الشرعية الاجتماعية التي جاء بها الإسلام ويباشرها الحاكم أو ولي الأمر ، قال تعالى : ﴿ يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ﴾ (النساء:59) ( الخطيب وآخرون ، ) .


ثانياً : أساليب الإسلام في ضبط المجتمع

وضع الإسلام أسس كثير من الأمور الاجتماعية ، كقواعد الإرث والزكاة وغنائم الحروب وأصول المبايعات والمفاوضات ، ودعا إلى مكارم الأخلاق ، كما بين علاقة الفرد بالمجتمع ومعاملة الأفراد ، وما يتعلق بالحدود والقصاص ، كما هدا إلى الآداب العامة كبدء التحية بالسلام ، واحترام المسنين والرفق بالنساء والصبيان ، وحتم على أتباعه عامة طاعة الله ورسوله وأولي الأمر في غير معصية الله .
وتنبثق تلك الأسس من مصادر معروفة في الإسلام والمجتمعات ، حيث " إن مصادر الضبط الاجتماعي في الإسلام هي القرآن والسنة والعرف والعادة ، وفي إطار هذه المصادر تتحدد التشريعات والقواعد الخلقية والقيم التي توجه علاقات الفرد بالآخرين في المجتمع الإسلامي "
وأول هذه المصادر وأهمها على الإطلاق هو القرآن الكريم ، ذلك الكتاب المعجز بآياته ، المحكم في تشريعاته ، المتحدي بعظمته . وقد حدد القرطبي إعجاز القرآن في عشرة أوجه ، عدَّ من بينها تشريعاته ، فتشريعات الكتاب الكريم منها ما هو تنظيم اجتماعي ، ومنها ما هو خاص بالسياسة والحكم ، ومنها ما هو خاص بالنظام المالي والأنظمة المدنية ، ومنها ما هو خاص بأمن الجماعة وسلامتها ، ومنها ما هو خاص بنظام الحرب والسلم وعلاقة غير المسلمين بالدولة الإسلامية . ومن هنا يتبين أن تشريعات القرآن هي باب عظيم من أبواب إعجاز البشر وتحديهم
ويعد الدين الإسلامي أقوى الأديان ضبطاً للمجتمع . وتشمل تعاليم الدين الإسلامي مجموعة الضوابط التي يحتاج إليها الفرد متمثلة في العبادات والمعاملات .
فالأوامر والنواهي الخاصة بالمعاملات تحفظ النظام الاجتماعي بطريق مباشر ، وذلك بإيقاف كل فرد عند حدود لا يتعداها . أما الأوامر والنواهي الخاصة بالعبادات فهي تحفظ النظام الاجتماعي بطريق غير مباشر ، وذلك بتهذيب الفرد كي يستطيع الرضوخ للأوامر والنواهي الخاصة بالمعاملات  .
وقرر الإسلام ثلاثة ضوابط اجتماعية تشكل منهجاً متكاملاً لحياة آمنة مستقرة ، فهناك ضابط ذاتي مصدره داخل النفس الإنسانية حيث تشكل تعاليم الشريعة ضابطاً خلقياً يحاكم الإنسان نفسه إذا أخل بها . أما الضابط الثاني فهو ضابط اجتماعي مصدره المجتمع ، فعندما يكثر تداول أحكام الشريعة على المستوى الاجتماعي تصبح بعض الأحكام أعرافاً ومصطلحات اجتماعية تحدد نوع السلوك المقبول والمرفوض في المجتمع . والضابط الثالث هو ضابط السلطة حيث تتولى تطبيق العقوبات الشرعية المقررة لأنواع المخالفات . تتكامل هذه الضوابط لتحقق حياة أقرب إلى السعادة والكمال
ويمكن تقسيم الضوابط الاجتماعية في الإسلام إلى أربعة مجالات ، تشمل جميع جوانب حياة الفرد وعلاقته بالجماعة ، ويتضمن كل مجال مجموعة من الضوابط ، وهذه المجالات هي :
1- العبادات .
2- المعاملات .
3- الآداب والأخلاق .
4- العقوبات .
وفيما يلي ، نلقي الضوء على بعض ضوابط الإسلام في المجالات السابقة ، ولا يمكن بأي حال حصر الضوابط الإسلامية كلها ، فالإسلام لم يترك كبيرة ولا صغيرة في حياتنا إلى وضع لها ضابطاً يحميها .

1- العبادات :
إن العبادات في الإسلام تعتبر ضوابط اجتماعية إيجابية ، فهي ليست مقصورة أو مفروضة لمجرد التعبد ، وإنما لتنظيم وضبط علاقة الفرد بالله ، ولتنظيم معاملات وعلاقات أفراد الجماعة بعضهم بالبعض الآخر .
فالصلاة مثلاً ، تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ﴿ إن الصلاة تنهى عن الفحشـاء والمنكر ﴾ ( العنكبوت:45) فهي وإن كانت فريضة دينية ، إلا أنها تهدف إلى تحقيق أهداف ومثل خلقية في ضبط السلوك الإنساني ( الخشاب ، د.ت ) فالصلاة لها أكبر الأثر في تطهير النفس وردعها عن الرذائل ، والمحافظ على صلاته هو محافظ في سلوكه وواجباته وتعاملاته المختلفة وقد شبه الرسول  أثر الصلوات الخمس في تطهير النفس كأثر النهر الجاري في تطهير
rالكريم  البدن حين قال : " أرأيت لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه في يومه خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : فكذلك الصلاة " .

مما سبق نرى " أن العبادات تخدم المعاملات ، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والصوم يهذب النفس ويشعرها بمرارة الحرمان فيجود الفرد على البائس والمحروم ، والزكاة تذهب أساساً للمحتاجين على اختلاف أنواعهم ، والحج لا يخرج الفرد إليه إلا بعد أداء ما عليه من واجبات نحو الآخرين "

2- المعاملات :
إن الشريعة الإسلامية عرضت لقواعد وضوابط اجتماعية تتعلق بنظام الحكم ، والعلاقة بين الحاكم والمحكومين ، وانطوت على كثير من الضوابط القانونية التي تعتبر من طبيعة مدنية ، مثل قواعد العقوبة على الجرائم الاجتماعية كالقتل أو الشروع فيه ، والسرقة وجريمة الزنا ، كما انطوت على ضوابط حتى فيما يتصل بالأطعمة والأشربة من حيث إباحتها أو عدمه كتحريم أكل الخنزير وشرب الخمر  .
كما وضع الإسلام في شئون الاقتصاد نظماً حكيمة ، تقر الملكية الفردية وتحيطها بسياج من الحماية ، وتذلل أمام الفرد سبل التملك والحصول على المال ﴿ هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ﴾ (الملك:15) وشجع الإسلام على العمل ، وفسح المجال أمام المنافسة الشريفة ، وبذلك يتحقق للناس تكافؤ الفرص ، ولكن من جهة أخرى فإن الضوابط الاقتصادية في الإسلام تكبح رأس المال وتجرده من وسائل السيطرة والنفوذ بدون أن تعوقه عن القيام بوظيفته ، وتعمل على استقرار التوازن الاقتصادي وإذابة الفوارق بين الطبقات ، وتحول دون تضخم الثروات . وتقوم العلاقات الاقتصادية في الإسلام بين الناس على دعائم متينة من التكافل والتعاون والتواصي بالبر والإحسان ، وتضع أمثل نظام للضمان الاجتماعي
ومن مظاهر الضبط في الإسلام النهي عن قول الزور واتهام الآخر ظلماً ،ويتضح ذلك في قوله تعالى : ﴿ ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم بها بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً ﴾ (النساء:112) ، وأمر بالعدل في جميع الأحوال ، فبالعدل يستقر المجتمع وينتشر الأمان : ﴿ يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً ﴾ (النساء:135) ونلاحظ في كل مرة مخاطبة الإسلام للنفس والضمير الإنساني حيث يتذكر الإنسان رقابة الله في كل ما يقوم به
وهكذا يتضح ضبط الإسلام للمعاملات بين الناس وخاصة ما يتعلق منها بالكليات الخمس والتي حرص الإسلام على حفظها ، وضمن لها حقوقها ، وتتمثل هذه الكليات في : حفظ الدين ، والنفس ، والعرض ، والعقل ، والمال . وسوف نتعرض لهذه الكليات وحفظها بشيء من التفصيل عند حديثنا عن ضبط العقوبات في الإسلام .
3- الآداب والأخلاق :
اهتم الإسلام بالمجتمع والتكافل الاجتماعي ، فنهى عن البغيضة والظلم والعدوان بين المسلمين ، ووضع لذلك ضوابط عديدة . وقبل كل ذلك شدد على الأخوة الإسلامية التي من خلالها ينبع كل فعل سليم ، وكل خلق كريم ﴿ إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم ﴾ (الحجرات:10) ورسم الإسلام الإطار العام لطبيعة العلاقة بين المؤمنين بقوله تعالى:﴿ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ﴾ (التوبة:71) .
ويدعو الإسلام إلى مكارم الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين كما بلغ النبي الكريم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ويضع لذلك ضوابط كثيرة ، والقرآن مليء بمثل تلك الضوابط الاجتماعية ، نذكر منها على سبيل المثال :
في آداب الزيارة : ﴿ يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غر بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ﴾ (النور:27) . وفي آداب المجالس : ﴿ يأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم ﴾ (المجادلة:11) .
وقد بلغ من حرص الله على عبده المؤمن أن حماه من التعرض لأي أذى ولو بمجرد الكلام أو الإهانة أو السخرية أو الغيبة والنميمة والتنابز بالألقاب ، كما نهى عن ظن السوء بالمؤمن والتجسس وتتبع عوراته ويتضح ذلك من قوله تعالى : ﴿ يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ، يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن سوء ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ﴾ (الحجرات:11،12)
ونلاحظ التركيز على روابط الإيمان والأخوة عند الحديث في القرآن عن الآداب والمعاملات بين المؤمنين ، مما يؤكد حرص الإسلام على مخاطبة المشاعر وتكوين الضمير ومراقبة النفس وضبطها ذاتياً قبل أن تضبط خارجياً .
وكما دعا الإسلام إلى السمو بالآداب الإنسانية ، دعا كذلك إلى التخلق بالأخلاق الفاضلة من كرم وحلم وعفو وغيرها : ﴿ الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾ (آل عمران:134) ، ونبذ الصفات المقيتة التي تؤدي إلى النفاق من كذب وغدر وخيانة  صفات المنافق : " أربع من كن فيه كان
وخلف للوعد فقد ذكر الرسول الكريم  منافقاً ، ومن كان فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا أؤتمن خان " .
والحديث عن ضوابط الأخلاق والآداب في الإسلام لا يمل ولا ينقطع ، فالإسلام سعى إلى تكوين الشخصية الصالحة الكاملة المتكاملة ، الإنسان المسلم المتصف بفضائل الأخلاق ، المبتعد عن رذائل الصفات ، المعتدل في سلوكه ، المؤهل لدعوة الناس في كل زمان ومكان إلى الحق والفلاح ﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ﴾ (البقرة:143) .

4- العقوبات :
يستخدم المجتمع لحماية نفسه من الجريمة نوعين من الضوابط : المنع والردع ، وقد أقر الإسلام هاتين الوسيلتين واستخدمهما ، ووسيلة المنع تمنع المجرم من الاعتداء ، فهي وسيلة حماية للمجرم والمجتمع على السواء ، فلا يصبح المعتدي مجرماً ، ولا ينال المجتمع اعتداءً . ويتضح اهتمام الإسلام بهذه الوسيلة والتركيز على المنع عن طريق تكوين الضمير المسلم الواعي السليم ( كما سبق أن بينا ) . أما وسيلة الردع فيلجأ إليها الإسلام مع أصحاب النفوس المريضة والضمائر المتبلدة ، وهنا جعل الإسلام العقوبات المتنوعة رادعة لأولئك النوع من البشر  ، فالإسلام يستخدم أسلوب الترغيب والترهيب معاً ، فلا يركز على الترغيب وحده لأن ذلك قد يؤدي إلى سيطرة الأمل في رحمة الله فيدعوها إلى التواكل والتهاون ويفضي بها إلى الأمن من مكر الله ، بينما الترهيب وحده قد يؤدي إلى طغيان الرهبة على النفس فتيأس من روح الله مما يفضي إلى القنوط من رحمة الله ، لذا يسلك الإسلام مسلكاً وسطاً

وتصنف العقوبات في الإسلام إلى ثلاثة أنواع :
1- الحدود : وتشمل أفعالاً محرمة شرعاً بما فيها تحديد نوع وكم العقوبة المقررة لكل منها على حدة صراحة وتفصيلاً في القرآن والسنة . ومنها : حد الزنا ، والسرقة ، والردة .
2- التعازير : وتشمل الجرائم التي ترك أمر تحديد نوع وكم عقوبتها المقررة بناءً على رأي أولياء أمور المؤمنين طبقاً لمتطلبات المصلحة واعتباراً للتغير الزماني والمكاني .
3- القصاص : ويشمل الجرائم التي تتعلق بالإصابات البدنية أو الاعتداءات على الأرواح والأعضاء ، وهنا لا يتطلب الأمر أن تتطابق عقوبة الحد مع نوع الضرر المادي فقط بل قد تتجاوزه إلى آثاره المعنوية أيضاً ﴿ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ﴾ (المائدة:45) 
والحدود هي حق خالص لله ، ولا يسمى القصاص حداً لأنه حق للعبد ، كما لا يسمى التعزير حداً لأنه مقدر من ولي الأمر وليس من الله تعالى .
والعقوبة في الإسلام مرتبطة بصياغة الحقوق الإنسانية العامة والمعروفة بالكليات أو الضروريات الخمس التي أمرنا بحفظها ، وهي الدين ، والنفس ، والعرض ، والعقل ، والمال .
ويتمثل جزاء الاعتداء على الدين في قوله تعالى : ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ﴾ (المائدة:33) .
كما يتمثل جزاء الاعتداء على النفس في قوله : ﴿ يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ﴾ (البقرة:178) ، ومن الضوابط الإسلامية أنه لا يجوز لأهل القتيل الثأر بأيديهم حتى لا ينتشر القتل ، بل عليهم الالتجاء إلى ولي الأمر كي يقتـص لهم من القـاتل وتعهد الله بنصره ﴿ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ﴾ (الإسراء:33) .
وجزاء الاعتداء على العرض بالزنا : ﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة﴾ (النور:2) ، وجزاء الاعتداء على العرض بالقذف : ﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ﴾ (النور:3) .
والاعتداء على العقل يكون بإذهابه عن طريق شرب الخمر والمسكرات ، وشارب الخمر جزاؤه تعزيراً ثمانون جلدة ، ويقول الله في تحريم الخمر : ﴿ إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ﴾ (المائدة:90) .
أما الاعتداء على المال فيتمثل الجزاء فيه بقوله تعالى : ﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله ﴾ (المائدة:38) .
" ويقرر الإسلام مبدأ التشهير بالعقوبة ﴿ وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين (النور:2) والغرض من المشاهدة هو التشهير بالمذنب من جهة وضرب المثل للغير من جهة أخرى ، وحيث أن الإنسان حريص دائماً على كرامته واحترامه بين الناس ، لذلك فإنه يبتعد عن الوقوع في الخطأ الذي يعرضه للعقوبة والتشهير به " .
ومما سبق نرى أن العقوبة في الإسلام تحرص كل الحرص على أمن الجماعة ، فهي جزاء يرد به المجتمع على جريمته . والجريمة هي عدوان على حق المجتمع في الأمن والسلامة ، وعدوان على المجني عليه بحرمانه من حقه في الحياة أو الحرية أو التملك ، وهي أخيراً عدوان على نسيج العلاقة التي تربط الأفراد فيما بينهم

الخميس، 24 سبتمبر 2015

أساليب الضبط الاجتماعي والمعايير الاجتماعية

أساليب الضبط الاجتماعي والمعايير الاجتماعية

يقصد بأساليب الضبط الاجتماعي : الطرق والممارسات التي تتحكم في تصرفات الأفراد وتعمل كقوى تجبر الأفراد على الخضوع للمعايير الاجتماعية .
فكل مجتمع من المجتمعات البشرية له أساليب ضبط تنظم حياة البشر وتحكم طرق معاملاتهم وسلوكياتهم لتحقيق الضبط الاجتماعي كالقوانين والأعراف والعادات والتقاليد .
وتختلف أساليب الضبط الاجتماعي في أهميتها باختلاف المجتمعات وباختلاف الزمان والمكان ، " فقد تكون الطرائق الشعبية أسلوباً من الدرجة الأولى في بعض المجتمعات ، ويكون القانون في المرتبة الثانية ، وقد يحدث العكس " 
ويشير جيب ( Gibbs   ) إلى أن تعدد صور وأنواع الضبط الاجتماعي وتغيرهما من مجتمع لآخر ، ومن عصر إلى آخر ، يشكل موضوعاً غامضاً في علم الاجتماع ، كما أن تلك الظواهر المتنوعة للضبط الاجتماعي جعلت من الصعب إعطاء تعريف محدد ومناسب له .
كما يؤكد جانوتز ( Janowitz  ) أن صور وأنواع الضبط الاجتماعي جاءت نتيجة تغيرات شخصية سابقة ، وكل من هذه الصور له تأثير مختلف على السلوك الاجتماعي ، ومهمة علم الاجتماع تتركز في بحث هذه الصور ونتائج الضبط الاجتماعي ، وهذا يعني الإجابة على السؤال الافتراضي : أي صور الضبط الاجتماعي هي الأكثر تأثيراً ، وكيف يمكن للجماعة أن تضبط ذاتها ضمن مبادئ أخلاقية شرعية تفضي إلى خفض السيطرة القسرية .
ومن هنا فقد اختلف العلماء في تحديد مصطلح لهذه الأساليب ، كما اختلفوا في تصنيفها ، فسماها روس وسائل الضبط الاجتماعي وحددها في خمس عشرة وسيلة مرتبة كما يلي  :
1- الرأي العام . 6- التقاليد . 11- الشخصية .
2- القانون . 7- دين الجماعة . 12- التراث .
3- المعتقدات . 8- المثل العليا . 13- القيم الاجتماعية .
4- الإيحاء الاجتماعي . 9- الشعائر والطقوس . 14- الأساطير والأوهام .
5- التربية . 10- الفن . 15- الأخلاق .

بينما صنف لانديز وسائل الضبط الاجتماعي إلى قسمين :
1- الوسائل الضرورية لإيجاد النظام الاجتماعي ، وتشمل : القيم ، والمعايير ، والأعراف ، والعادات .
2- وسائل تدعيم النظام الاجتماعي ، وقسمها إلى قسمين :
أ ) النظم الاجتماعية ، كالأسرة والدين والمدرسة والاقتصاد والعلم والتكنولوجيا .
ب) الأبنية الاجتماعية ، كالجنس والطبقة والجماعة الأولية والثانوية .
وحدد بارسونز خمسة أساليب للضبط الاجتماعي وهي  :
1- التنشئة الاجتماعية . 2- المقاطعة الاجتماعية . 3- ضغط الجماعة .
4- السجون المنظمة . 5- قيام المؤسسات والمنظمات .
أما لابيير فقد ميز بين وسائل الضبط الاجتماعي من الناحية العملية ( وتشمل : الصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح ) ، وبين الأساليب الفنية التي تكمل تدعيم سلطة الجماعة على أفرادها وتتلخص في أنواع الجزاءات ( الجمعية والنفسية والرمزية والتوقعية ) . ( الخشاب، د.ت ) .
بينما يميز جيروفيتش بين صور الضبط الاجتماعي وأنواعه وهيئاته . فأنواع الضبط الاجتماعي هي القانون والدين والمعرفة والتربية والفن والأخلاق   . أي أنه اعتبر تلك الأمور أنواعاً للضبط الاجتماعي وليست وسائل أو أساليب .
وعلى الرغم من اختلاف علماء التربية والاجتماع في مسمى أساليب الضبط الاجتماعي وتصنيفاتها ، إلا أن الإجماع يكاد يكون واحداً على أهمية هذه الأساليب ، " فالنظام الاجتماعي يعتبر نتاجاً طبيعياً لفاعلية وسائل الضبط الاجتماعي " .
ونلحظ خلطاً كبيراً بين أساليب الضبط الاجتماعي والمعايير الاجتماعية ، ومن هنا نجد أنه لزاماً علينا أن نوضح المقصود بالمعايير الاجتماعية .

المعايير الاجتماعية :
المعيار الاجتماعي هو " مقياس أو قاعدة أو إطار مرجعي للخبرة والإدراك الاجتماعي والاتجاهات الاجتماعية والسلوك الاجتماعي . وهو السلوك الاجتماعي النموذجي أو المثالي الذي يتكرر بقبول اجتماعي دون رفض أو اعتراض أو نقد "   . فالاتجاهات التي يشترك فيها أفراد الجماعة والتي تيسر لهم سبيل التفاعل والتواصل هي معايير اجتماعية للجماعة .
وقد عبر سمنر عن المعايير بقوله : « إنها ضوابط تشبه القوى الطبيعية التي يستخدمها الأفراد دون وعي منهم ، وتنمو مع التجربة وتنتقل من جيل إلى جيل دون أن يحدث أي شذوذ أو انحراف في طبيعة الأداء ، ورغم ذلك فهي قابلة للتغـير والتطور بما يتفـق مع طبيعة المجتمع » 
والمعايير الاجتماعية تشمل عدداً هائلاً من تفاعل الجماعة في ماضيها وحاضرها وتقع ضمن : الأخلاق ، والقيم الاجتماعية ، والعادات والتقاليد ، والأحكام القانونية والعرف ، وبوجه عام هي التي تحدد ما هو صواب وما هو خطأ ، وما هو جائز وما هو غير جائز ، وما يجب أن يكون وما يجب ألا يكون ، حتى يكون الفرد مقبولاً من الجماعة ملتزماً بسلوكها ومسايراً لقواعدها ومتجنباً لرفضها   .
" وعلى رأس المعايير الاجتماعية تأتي التعاليم الدينية ، والمثل العليا ، والخلق النبيل ، والعادات الحسنة التي تنتشر في المجتمع فتكون هي أساس الحكم ومنطلق القياس " 
وهذه الأنواع من المعايير الاجتماعية تؤدي غرضاً واحداً ، هو إمداد أفراد المجتمع بمعاني موحدة يستطيعون بواسطتها أو عن طريقها التعامل فيما بينهم وفق هذه المعايير وأن يفهم بعضهم البعض الآخر ، وبذلك تصبح هذه المعايير ضرورية لكل شكل من أشكال السلوك وتفسيره . ولذلك فالحكم على السلوك وتفسير السلوك إنما يخضع لبعض المعايير الاجتماعية  .
ونخلص مما سبق إلى أن المعايير الاجتماعية هي القواعد التي يستند إليها المجتمع ، بينما أساليب الضبط الاجتماعي هي الطرق والوسائل التي تمارس لتطبيق تلك القواعد بهدف الحفاظ على المجتمع من التفكك والانهيار .

 

نظريات الضبط الاجتماعي

نظريات الضبط الاجتماعي

اختلفت أفكار العلماء والباحثين حول مفهوم الضبط الاجتماعي وما ينضوي عليه ، وتعددت تعريفاتهم لمصطلح الضبط الاجتماعي ، وتبعاً لذلك ظهرت عدة نظريات في مجال الضبط الاجتماعي ، كل نظرية تفسر وجهة نظر صاحبها وفكرته عن الضبط الاجتماعي .
وفيما يلي عرض موجز لأهم نظريات الضبط الاجتماعي الغربية القديمة والحديثة .

1- نظرية تطور وسائل الضبط الاجتماعي ( روس Ross ) :
تقوم هذه النظرية على أساس الطبيعة الخيرة للإنسان ، إذ يعتقد روس أن داخل النفس الإنسانية أربع غرائز هي : المشاركة أو التعاطف ، القابلية للاجتماع ، الإحساس بالعدالة ، ورد الفعل الفردي . تشكل هذه الغرائز نظاماً اجتماعياً للإنسان يقوم على تبادل العلاقات بين أفراد المجتمع بشكل ودي ( السالم ، 2000) . وكلما تطور المجتمع ضعفت تلك الغرائز وظهرت سيطرة المصلحة الذاتية عليه ، وهنا يضطر لمجتمع لوضع ضوابط مصطنعة تحكم العلاقات بين أفراده ( الحامد والرومي ، 2001) وتزداد تلك الضوابط وتتطور كلما ازداد تحضر المجتمع ، وتعقدت أنظمته ، وتباينت جماعاته . أي أن هناك مجموعة أسباب أوجدت الحاجة إلى الضبط الاجتماعي وتطور وسائله وهي /
1- زيادة حجم السكان وظهور طوائف وعشائر جديدة .
2- ضعف الغرائز الطبيعية ، وظهور الأنانية الفردية .
3- ظهور جماعات متباينة ( اقتصادياً أو عنصرياً أو طبقياً أو ثقافياً ... ) في المجتمع الواحد .

2- نظرية الضوابط التلقائية ( سمنر Sumner ) :
تنصب الفكرة الأساسية لنظرية سمنر على أن الصفة الرئيسة للواقع الاجتماعي تعرض نفسها بطريقة واضحة في تنظيم السلوك عن طريق العادات الشعبية ، إذ أنها تعمل على ضبط التفاعل الاجتماعي ، وهي ليست من خلق الإرادة الإنسانية  . فهو يقول في كتابه " الطرائق الشعبية " : « إن الطرائق الشعبية عبارة عن عادات المجتمع وأعرافه ، وطالما أنها محتفظة بفاعليتها فهي تحكم بالضرورة السلوك الاجتماعي ، وبالتالي تصبح ضرورية لنجاح الأجيال المتعاقبة » فالأعراف عند سمنر لها أهمية بالغة ، فهي التي تحكم النظم والقوانين وهو يرى أنه لا يوجد حد فاصل بين الأعراف والقوانين ، والفرق بينهما يكمن في الجزاءات ، حيث أن الجزاءات القانونية أكثر عقلانية وتنظيماً من الجزاءات العرفية .

3- نظرية الضبط الذاتي ( كولي Cooley ) :
ينظر كولي للمجتمع على أساس أنه كل لا يتجزأ يعتمد في تنظيمه الاجتماعي على الرمز والأنماط والمستويات الجمعية والقيم والمثل ، فهو يرى أن الضبط الاجتماعي هو تلك العملية المستمرة التي تكمن في الخلق الذاتي للمجتمع ، أي أنه ضبط ذاتي يقوم به المجتمع ، فالمجتمع هو الذي يضبط ، وهو الذي ينضبط في نفس الوقت . وبناءً عليه فالأفراد ليسوا منعزلين عن العقل الاجتماعي . والضبط الاجتماعي يُفرض على الكل الاجتماعي وبواسطته ، وهو يظهر في المجتمعات الشاملة والجماعات الخاصة
4- النظرية البنائية الوظيفية ( لانديز Landis ) :
يركز لانديز على مكونات البناء الاجتماعي ودورها في الضبط الاجتماعي ، كما يركز على مفهوم التوازن الوظيفي بين النظم الاجتماعية وعلاقة هذه النظم بالضبط الاجتماعي . ويصور لانديز النظم الاجتماعية على شكل خط متصل نظري ، يمثل أحد طرفيه التفكك الاجتماعي الذي يتسم بالفوضوية والنزعات الفردية ، بنما يمثل الطرف الآخر التنظيم الاجتماعي الأكثر صرامة والذي يتميز بالاعتماد على السلطة المطلقة ، وبينهما توجد منطقة تسامح واسعة مشاكل الحاضر ويمده بالوسائل والأساليب اللازمة لذلك "
5- النظرية الثقافية التكاملية ( جيروفيتش Gurvitch ) :
يركز جيروفيتش على ضرورة دراسة الضبط الاجتماعي على أسس وشروط تتمثل في :
1- أن الضبط الاجتماعي ليس نتيجة لتطور المجتمع وتقدمه ، بل أنه كان موجوداً في المراحل المبكرة من تاريخ المجتمعات الإنسانية ، إذ يستحيل تصور مجتمع بلا ضوابط .
2- أن الضبط الاجتماعي واقع اجتماعي وليس أداةً للتقدم .
3- عدم وجود صراع بين المجتمع والأفراد .
4- أن كل نمط من أنماط المجتمعات هو عبارة عن عالم صغير يتألف من جماعات ، ولذا فإن مؤسسات الضبط الاجتماعي تختلف باختلاف الجماعات والمؤسسات. ويذهب جيروفيتش إلى أن الضبط الاجتماعي إما أن يكون ضبطاً منظماً ، أو ضبطاً عن طريق الممارسات الثقافية والرموز كالعادات والتقاليد ، أو ضبطاً تلقائياً من خلال القيم والأفكار والمثل ، أو ضبطاً أكثر تلقائية من خلال الخبرة الجمعية المباشرة
تلك كانت أهم النظريات في الضبط الاجتماعي ، ويتضح مدى التباين والاختلاف في نظرة علماء الاجتماع إلى طبيعة الضبط الاجتماعي ، فقد اهتم روس بالغرائز الإنسانية ودورها الإيجابي والسلبي في الضبط الذاتي ، في حين ركز سمنر على الأعراف والتقاليد ، واعتبرها الوسيلة الوحيدة والضابطة للمجتمع ، بينما أبرز كولي دور المثل والقيم في تحقيق الضبط الذاتي فضبط الجماعة ينبع من ضبط الفرد لذاته . أما لانديز فقد اهتم بالنظم الاجتماعية باعتبارها أدوات الضبط الاجتماعي ، ووضع جيروفيتش شروطاً ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند دراسة الضبط الاجتماعي .

 

الضبط ضرورة اجتماعية

الضبط ضرورة اجتماعية

الإنسان بطبيعته اجتماعي ، لا يستطيع العيش وحيداً ولابد أن ينتمي إلى جماعة يستمد منها القوة والأمن والطمأنينة ، ويسهم مع الآخرين في تحقيق الخير والمعيشة الكريمة . وقد بدأت المجتمعات البشرية بمجتمع العائلة ، ثم توسعت إلى مجتمع القبيلة ومجتمع القرية ومجتمع المدينة حتى أصبحت مجتمعات قومية .
وترتكز المجتمعات في بنيتها على العناصر التالية :
- قيم أخلاقية يؤمن بها أفراد المجتمع ، وتمثل الأهداف والغايات التي يسعون إلى تحقيقها .
- ترجمة قيم الجماعة إلى أنظمة وقوانين وأعراف تلتزم بها الجماعة في نشاطهم وسلوكهم ، ويعتبرون من يخالفها مذنباً يستحق العقاب

وفي كل جماعة من الجماعات تنشأ طائفة من الأفعال والممارسات والإجراءات والطرق التي يزاولها الأفراد لتنظيم أحوالهم والتعبير عن أفكارهم وما يجول في مشاعرهم ، ولتحقيق الغايات التي يسعون إليها . وعندما تستقر هذه الأفعال في شعور الجماعة وترسخ في عقول الأفراد تصبح قواعد ملزمة ، تكون نظماً مختلفة تؤدي إلى التنظيم الاجتماعي الذي يرتكز عليه استقرار المجتمع وقد اعتبر العالم " هربرت سبنسر " المجتمع كائناً عضوياً يشبه من كل نواحيه وخصائصه ومقوماته ووظائفه الجسم الحي ، كما أنه يتطور كما تتطور الكائنات العضوية ، فكما أن للجسم العضوي بناء عام أو هيكل يضم مجموعة من الأعضاء الداخلية كالقلب والمعدة والأمعاء ، ولكل عضو من هذه الأعضاء وظيفة معينة تتفاعل مع وظائف الأعضاء الأخرى من أجل إبقاء الجسم أو البناء العضوي حياً ، كذلك المجتمع بناء أو هيكل عام يضم مجموعة من النظم ( كالنظام السياسي والأسري والاقتصادي ... ) . ويقوم كل نظام بأداء وظيفة محددة ، في إطار إشباع حاجات أعضاء المجتمع ، وتتفاعل هذه النظم مع بعضها بحيث تبقي المجتمع قائماً بذاته . وإذا حدث خلل جوهري في وظائف أي عضو من أعضاء الجسم ، فإنه يمرض وقد يصل إلى الوفاة ، كذلك فإن اختلال أي نظام من نظم المجتمع يؤدي إلى ظهور الأمراض الاجتماعية متمثلة في الجريمة والتفكك الأسري وانحراف الأحداث والتسيب ... إلخ ، وكما أن الجسم الإنساني يموت فإن المجتمع يمكن أن يتفكك وينحل

الضبط الاجتماعي

يشير مصطلح الضبط الاجتماعي إلى الآليات أو العمليات المجتمعية والسياسية التي تنظم سلوك الفرد والجماعة في محاولة للوصول إلى الامتثال والمطابقة مع قواعد مجتمع معين أو حكومة أو فئة اجتماعية. ويحدد علماء الاجتماع شكلين أساسيين للضبط الاجتماعي:
  1. وسائل غير رسمية للضبط - وهي تدخيل لـالمعايير الاجتماعية والقيم من خلال عملية تُعرف باسم التنشئة الاجتماعية، والتي تعرف بأنها "العملية التي من خلالها يبدأ الفرد، المولود بإمكانات سلوكية واسعة بشكل كبير، في تطوير السلوك الفعلي الذي يقتصر على أضيق نطاق لما هو مقبول بالنسبة له وفقًا لمعايير الجماعة"
  2. الوسائل الرسمية للضبط الاجتماعي - هي العقوبات الخارجية التي تفرضها الحكومة لمنع حدوث الفوضى أو الشذوذ في المجتمع. وهناك بعض الباحثين النظريين، مثل إميل دوركايم، يشيرون إلى هذا النوع من الضبط باسم التنظيم.
عندما كان مفهوم الضبط الاجتماعي موجودًا منذ تشكيل علم الاجتماع المنظم، تغير المعنى بمرور الوقت. في الأصل، كان المصطلح يشير ببساطة إلى قدرة المجتمع على تنظيم نفسه. ولكن في ثلاثينيات القرن العشرين (1930)، استُخدم المصطلح بمعناه الأكثر حداثة لهداية الفرد إلى الامتثال. وبدأت دراسة نظرية الضبط الاجتماعي كحقل منفصل في أوائل القرن العشرين.
كما تم التوضيح أعلاه، يمكن أن تكون وسائل فرض الضبط الاجتماعي رسمية أو غير رسمية. يقول عالم الاجتماع إدوارد ألسورث روس أن النظم العقائدية تفرض سيطرة على السلوك البشري أكبر من القوانين التي تفرضها الحكومة، بغض النظر عن أي شكل تتخذه العقائد. ومع ذلك، فإن نظم الضبط الاجتماعي الرسمية التي تؤسسها البلديات في جميع أنحاء أمريكا الشمالية لها عواقب وخيمة للأفراد الذين تسعى هذه النظم إلى تقييدهم.

هام جداً لأبنائي وبناتي الطلبة والطالبات

هام جداً لأبنائي وبناتي الطلبة والطالبات
======================
يشتكي كثير من الطلبة والطالبات من ضعف مستواهم الدراسي ونتيجة لذلك يصاب الكثير منهم بالاحباط واليأس لينتهي الأمر بنتيجة عكسية تتمثل في تركه او عزوفه علي اكمال العملية التعليمية
بحكم خبرتي اود ان انصح هؤلاء الطلبة واقول لهم :
لايوجد انسان علي وجه الارض يعاني من الغباء ولكن الامر كله هو الفروق الفردية في اختلاف مستوي الذكاء من شخص لآخر فهناك طالب ونتيجة لأن نسبة ذكائه عالية يستطيع تحصيل اكبر قدر ممكن من الفهم والاستذكار في وقت قصير .
اما من يطلقون علي أنفسهم بأنهم فاشلين أو انهم اغبياء ولا يستطيعون مواصلة العملية التعليمة نتيجة لبطء أو عدم استيعابهم لموضوع ما ، فالأمر ليس كذلك بالنسبة لكم ولكنكم في حاجة الي تعويض ضعف معدلات الذكاء لديكم او بط الفهم بالصبر وعدم التسرع واعطاء نفسك مزيد من الوقت ، فكثير من الامور التي تواجهنا في حياتنا العامة قد لا نفهمها الا بعد قضاء مزيد من الوقت في التفكير فيها
خلاصة القول حتى لا اطيل عليكم :
اذا كان هناك طالب معدل مذاكرته في اليوم 3 ساعات (مثلا) لأن نسبة ادراكه وفهم الامور سريعة .
فليكن وقت مذاكرتك انت 5 ساعات لتعطي نفسك الوقت الكافي لتقرأ الموضوع اكثر من مرة مع التركيز ولا تفكر او ان تكون شارد الذهن .وان حصل هذا الأخير فلا تلومن الا نفسك.
فالتكرار دائما يزيد من وضوح الغموض ويساعدك علي الفهم
والدليل علي ذلك قد نري الكثير من الأطفال الذين يعانون من التخلف العقلي يرددون اغنيه ما او سورة من القرآن الكريم ونجدهم يمثلون في الافلام والمسلسلات علي الرغم من ان نسبة ذكائهم ضعيفة جدا جدا للغاية ولكنهم يتقنون ما يرددونه عن طريق التكرار ...

في الموضوع القادم انشاء لكم مني طريقة المذاكرة الفعالة ،، وبالتوفيق

علم الاجتماع القانوني والضبط الاجتماعي

الكثير من الشعوب تجهل اهمية علم الاجتماع القانوني والضبط الاجتماعي ، فعلم الاجتماع القانوني يعد ضرورة اجتماعية فضلا عن كونة ظاهرة اجتماعية واطار للحياة الاجتماعية ولغة التخاطب بين افراد المجتمع لأنه يمثل مجموعة القواعد الملزمة المقترنة بالجزاء للسلوك في المجتمع
"فالجريمة ظاهرة اجتماعية في حياة الأفراد والمجتمعات " أن الجريمة كظاهرة اجتماعية سواء في حياة المجتمع أو حياة الأفراد قد تناولتها بالبحث فروع مختلفة من العلوم تعني بدراسة الإنسان والمجتمع والواقع أن تعريف الجريمة وبالتالي علم الإجرام ليس بالأمر السهل , حيث لا يوجد أتفاق بين الباحثين علي تعريف جامع مانع لذلك العلم . وبصفة عامة فإن علم الاجرام قد خرج الي حيز الوجود شاقاً طريقة بين العلوم التي عنيت بدراسة الإنسان والمجتمع.
ومن وجهة نظر ثانية يعرف علم الإجرام باعتباره مجمعاً لجميع العلوم التي تدرس المجرم والجريمة والبيئة وأسباب الإجرام والوقاية , ويبين العلاقة القائمة بين تلك العلوم الجنائية وحدود كل علم.
• المفهوم الاجتماعي للجريمة وفقاً لفقهاء المدرسة الوضعية:
لقد كان لأصحاب المدرسة الوضعية الفضل الأول في ابراز وبلورة المفهوم الاجتماعي للجريمة , فقد رفضوا اساساً المفهوم الشكلي للجريمة. فقد نادي أنصار المدرسة الوضعية بفكرة أن الجريمة ليست هي كل فعل يقع بالمخالفة لنص تشريعي جنائي وإنما الجريمة – في نظرهم – هي كل فعل ضار بمصالح المجتمع الأساسية.
فالجريمة , إذن ظاهرة ضرورية , وهي مرتبطة بالشروط الأساسية لكل حياة اجتماعية وهي بسبب ذلك ايضاً ظاهرة مفيدة.
ويتضمن القانون الجنائي – طبقاً للتعريف السابق أربعة عناصر أساسية تفرفة عن غيره من القوانين التي تتناول السلوك الإنساني.
• العنصر الأول: الصفة السياسية: القواد التي يتضمنها القانون الجنائي قواد وضعتها الدولة وبالتالي إن خرق هذه القواعد هو ما يعد جريمة.
• العنصر الثاني : التحديد : يدخل التحديد كعنصر أساسي في تعريف القانون الجنائي , فكل عمل يجرمه القانون الجنائي محدد بدقة بالغة وليس بالقانون الجنائي اي تعبيرات عامة.
• العنصر الثالث : المساواة في التطبيق : يهدف القانون الجنائي الي تطبيق العدالة بغض النظر عن الاشخاص ومعني ذلك انه لا يوجد اي استثناء.
• العنصر الرابع : الجزاء الجنائي : يتضمن القانون الجنائي الجزاء الجنائي وهو العقاب الذي يوقع بمقتضي هذا القانون.
ثانياً : نسبية الجريمة:
1- ان الفرد التي يشتمل عليهالاالقانون الجنائي قواعد وضعتها الدولة أو السلطة الرسمية في المجتمع , وبمعني اخر فان ما يجرمه القانون الجنائي هو تعبير عن وجهة نظر الدولة او السلطة الرسمية .
2- ترتبط نسبية الجريمة بما يحدث في المجتمعات نفسها من تغيرات في قيمها الاجتماعية ومعتقداتها .
وبصفة عامة هناك عدة اعتبارات قانونية تتدخل في تحديد معاملة الشخص الذي يرتكب فعلا يحرمه القانون علي انه مجرم واهمها.
(1) عامل السن .
(2) عامل توافر القصد الجنائي.
(3) عامل الاختبار.
(4) عامل الضرر للدولة.
(5) عامل استعمال الحق.
(6) عامل اداء الواجب.
(7) عامل الدفاع الشرعي عن النفس.
(8) عامل الضرر الفعلي.
(9) عامل العلاقة السببية.
رابعاً : أنواع الجريمة :
وتتمثل أغراض التصنيف فيما يلي:-
1- تصنيف الجرائم تبعاً لجسامتها .
2- تقسيم الجرائم حسب ايجابيتها.
3- تقسيم الجرائم حسب درجة استمرارها.
4- تقسيم الجرائم الي عمدية وغير عمدية.
5- تقسيم الجرائم حسب اتجاه ضررها.
6- تقسيم الجرائم حسب الأغراض الإحصائية.
7- تقسيم الجرائم حسب تنظيمها.
خامساً: إحصاءات الجريمة :
تكاد تكون الاحصاءات العامة للجريمة والمجرمين اقل الاحصاءات قيمة في اماكن الاعتماد عليها , فضلاً عن كونها اكثر الاحصاءات صعوبة.
وتنقسم اهم مصادر احصاءات الجريمة الي ما يلي :
أ‌- احصاءات الشرطة ( الأمن العام )
تمثل هذه الاحصاءات الواقع تمماً وذلك للأسباب التاية:
• كثيراً ما اترتكب جرائم ولكن لا يكتشفها احدوبالتالي لا تعلم الشرطة عنها ويرجع ذلك عادة الي :
(1) اتجاه الضحية.
(2) مكانة مرتكب الجريمة.
ب‌- هناك جرائم يتم اكتشافها وتبلغ الشرطة عنها ولكنها لا تسجل في سجلاتها وذلك لأسباب التالية:
1- مكانة الجاني ومكانة الضحية.
2- الرشوة وفساد بعض رجال الشرطة.
3- أسباب سياسية عامة.
• هناك جرائم يتم اكتشافها والتبليغ عنها وتسجيلها في اقسام الشرطة ولكن لا يستدل علي مرتكبيها.
• هناك جرائم تم اكتشافها والتبليغ عنها وتسجيلها والتعرف علي مرتكبيها دون القبض عليهم لهروبهم وتخفيهم.
ب‌- إحصاءات المحاكم:
تنشر وزارة العدل إحصاءات سنوية عن عدد الحالات التي قدمت للمحاكمة وعدد الذين أدينوا الا أن هذه الاحصاءات اقل قدرة من احصاءات الشرطة علي إعطاء صورة شاملة عن الجريمة
للأسباب الأتية:
1- ليس بالضرورة ان يقدم كل مجرم الي المحاكمة.
2- تعتمد إدانة المجرم علي عوامل كثيرة منها توافر الأدلة أو عدم توافرها الذي يعتمد بدورة علي كفاءة الشرطة والنيابة.
ج- إحصاءات الســجون:-
تصدر مصلحة السجون إحصاءات سنوية عن عدد المسجونين وأنواع الجرائم التي ارتكبوها. وهذه الاحصاءات تشكل من أدينوا فقط بالمحاكم وأمكن تنفيذ الحكم عليهم , لا تشمل الهاربين أو الذين حكم عليهم مع ايقاف التنفيذ.
ويتضح من ذلك ضرورة الحذر عند استخدام إحصاءات الجريمة حتي لا نصل الي تفسيرات خاطئة عن ظاهرة الجريمة لاعتمادنا علي بيانات قد تكون غير دقيقة.
======
يعتبر روس Ross من أوائل المهتمين بالمنظور السوسيولوجي ويرجع الكثير من الفضل الي روس E.A Roos في توجية الاهتمام نحو المنظور السوسيولوجي للقانون حين ابرز دوره كوسيلة من وسائل الضبط الاجتماعي المتعددة , وكدعامة اساسية للنظام , واكثر الوسائل تخصصاً وأحكاماً فضلاً عن أنه يمارس عن طريق المجتمع ومن أهم وظائفه أنه يقوم بردع هؤلاء الذين يرتكبون اعمالاً عدوانية , وبطريقة حاسمة فيتصرف معهم بطريقة ملزمة ووفق إهمالهم ال ي يؤدي الي الإخلال بأحدي قواعد العلاقات الاجتماعية أو التعاقدية واهتم ( روس ) بدراسة العلاقة الوظيفية بين القانون وسائر الضوابط الاجتماعية الأخري.
وينغي في هذا الصدد ان نسجل بعض الملاحظات علي موقف روس :
1- اهتم بالتركيز علي فكرة قانونية ذات أهمية , وهي فكرة الردع , التي اعتمد عليها بعض علماء الاجتماع فيما بعد في دراساتهم للقانون ومنهم ثوركين.
2- اهتم بدراسة وظائف القانون وبالرغم من انه قد تعرض لهذا الموضوع بطريقة عارضة ومنحصرة إلا أن هذا المبحث اعتبر مبحثاً هاماً عند علماء الاجتماع الذين أتوا بعده.
3- كانت نظرته للقانون نظرة وظيفية تكاملية , فبالإضافة الي ان القانون اداة ملزمة لسلوك أعضاء المجتمع فهو من الناحية الأخري يتاثر بالمجتمع.
4- تعرض كذلك لمبحث اعتبر فيها عدد من اهم مباحث الاجتماع في القانون وهو مكانة القانون بالنسبة لبقية الضوابط الاجتماعية أو وضع القانون في نتسق الضبط الاجتماعي.
5- كان له اثر بالغ في دراسات ( باوند ) لعلم الاجتماع القانوني وخصوصاً فكرته عن ان القانون هو أداة متخصصة من أدوات الضبط الاجتمتاعي وانه يمارس وظائفه عن طريق هيئات متخصصة ومسئولة.
6- استطاع ان يصوغ فكرة اختلاف القانون من نموذج اجتماعي الي نموذج اخر وقد اخذ دوركيم هذه الفكرة وأسس عليها تقسيمه للقانون الي نوعين نوع يوجد في المجتمع الذي يتصف التضامن الآلي ونوع اخر في المجتمع الذي يتسم بالتضامن الاجتماعي.
====
" نشأ علم الاجتماع القانوني علي يد فلاسفة وفقهاء كونوا بأفكارهم مدارس متنوعة حول القانون وعناصره فقد نظر ( موتسكيو ) الي القانون بوصفه جزءاً من الحياة الاجتماعية يقف علي قدم المساواة مع بقية الأجزاء الأخري التي تحكم الناس وتوجه سلوكهم والقانون يشكل عن طريق المجتمع وهو نفسه يقوم ايضاً بتشكيل المجتمع : فهناك علاقة متبادلة بين القانون والمجتمع وليست الصلة بينهم من جانب واحد أي ان القانون لا يفرض علي المجتمع فرضاً وإنما هو من صنع المجتمع .
وبذلك كان موتسكيو أول من وجه الأنظار الي ان القانون ليس مفروضاً علي المجتمع وانما يتوافق مع الظروف الاقتصادية والجغرافية والتاريخية للمجتمع فهو يتأثر به ويؤثر فيه.
وبذلك يكون قد اعترف اعترافاً ضمنياً بأن القانون يتغير من مجتمع لآخر طبقاً لأختلاف ظروف كل مجتمع.وبعد موتسكيو يأتي أوجيست كونت الذي لم يبدأ كتابة في القانون الا بعن ان وضع القانون الفرنسي وبعد ان وجد رجال القانون والقوانين من القانون ودستور نابليون
وبناء علي ذلك يمكنن القول بأن موتسكيو وكونت وسبنسر قد اختلفوا أشد الاختلاف حيث نظر موتسكيو الي القانون بأعتبارة يؤثر في المجتمع ويتأثر به وانه ضروري ولا غني عنه
أما كونت فقد نظر اليه بوصفه مجموعة من الاحكام التي يفرضها المشرعون والحكام علي المجتمع وبذلك رفض الاعتراف بأهميه القانون واكد ضرورة اختفائه من المجتمع
وتصور سبنسر القانون بأعتباره نظاماً سياسياً يوجد في المجتمع السياسي المنظم ويتطور عن طريقه.
1- " للقانون وظائف اجتماعية ومدارس حديثـــة
2- وظائف القانون :-
أهتم علماء الاجتماع والباحثون فيه الذين قاموا بدراسة القانون بمبحث أخر وهو وظيفة القانون
وهناك أرع وظائف وهي : التفسيرية والتشريعية والجزائية والقضائية.
أما ( تيماشيف ) فقد ذهب الي ان للقانون وظائف اجتماعية بالنسبة للفرد حيث ان الفرد هو الذي يكون القانون في جانبه وفي أيه حال أو موقف يعتبر أفضل من الشخصل الذي لا يكون القانون الي جانبه وهذا ما يطلق علية (( الحق )) والقانون يخلق مجالات معينة امام الفرد ويعمل علي حماية هذه المجالات ومن خلالها يستطيع الفرد أن يمارس حريته وكذلك يعمل القانون علي حماية المصالح الإنسانية وهو وسيلة لحماية القيم
أما وظائف القانون بالنسبة للمجتمع فهي تتمثل كما يري تيماشيف في خلق النظام لان أنشطة الأفراد قد تتداخل مع بعضها البعض اذا لم يوجد القانون والقانون من هذه الناحية إما ان يعوق الصراعات ويتصدي لها أو ان يعطي الأساليب الملائمة لإيقافها وقد ادرك تيماشيف في هذا الصدد انا هناك صورتين للصراع هما الصرع بين قيم معينة والصراع من اجل قيم معينة .
هذا ويضيف ( بوتومور ) الي الوظائف السابقة وظيفة اخري ففي بعض الأحيان يكون للقانون أثره الواضح والمستقل عن أثر الاخلاق والدين ويظهر هذا الأثر في أن القانون يخلق في المجتمع اتجاهات ونماذج سلوكية تكون في البداية بمثابة مبعث إلهام لجماعة صغيرة من الثوار.
وضع القانون في نسق الضبط الاجتماعي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعتبر القانون جزءاً من نسق الضبط الاجتماعي الشامل في عدة مواضيع من تلك الدراسة أن القواعد القانونية لم تكن متميزة في بداية الأمر – عن قواعد السلوك الأخري وخصوصاً قواعد الأخلاق والدين والسياسة إلا انه يمكننا ان نلاحظ انه كلما تطور القانون أستقل عن الدين والاخلاق والسياسة وظهر التمايز الواضح بينه وبين تلك الميكانيزمات الأخري.
وقد أهتم كثيراً من علماء الاجتماع بالكشف عن اهمية النسبية للقانون بوصفه ميكانيزما من ميكانيزمات الضبط الاجتماعي وذلك في المجتمع الحديث بوجه خاص فاتفقوا علي أن القواعد القانونية تتميز بمجموعة خصائص لا تتوفر في سائر القواعد ومنها انها محددة تحديداً دقيقاً ومخصصة وتشتمل علي طرفين : صاحب الحق وصاحب الواجب وأتفقوا ايضاً علي ان المجتمع الحديث لا يمكنه ان ينتظم فقط عن طريق القواعد الأخلاقية وإنما يحتاج الي نوع اخر من القواعد الحاسمة والرادعة فالقانون يضمن وجود درجة معينة من النظامية في السلوك الاجتماعي قد لا تتمكن من تحقيقها ميكانيزمات الضبط الأخري